«الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أعدل خليفة في الإسلام» عبارة قرأتها في كتاب عن الأدب الأموي منذ ثلاث عشرة سنة، لم أشك بعدله رضي الله عنه، لكن كلمة (أعدل) أخذتها بالمعنى التاريخي الذي تجنح تعبيراته للمبالغة، ولم أحملها على معناها المعجمي، وظلت في ذهني كمبالغة حتى قبل أيام قليلة، حيث أكَّدَ معناها الحرفيَّ مسلسلٌ إيرانيٌّ يُعرَض على قناة إيرانية، اسم المسلسل (الهوية الضائعة) بطولة نجمي المفضّل (أمين تارخ) و(فريبا كوثري)، أحداث المسلسل ليست في زمن خلافة معاوية رضي الله عنه، بل في خلافة ابنه يزيد، وهو لا يتحدث عن يزبد أيضًا، بل عن واليه على الكوفة (عبيد الله بن زياد) الملقب (بابن مرجانة) وهذا عبيد الله هو قاتل أو بالأصح الآمر بقتل الحسين وأخيه العباس رضي الله عنهما، إذ أوكل مهمةَ قتلهما رضي الله عنهما على شمر بن الجوشن، والمسلسل يرسم صورة لعبيد الله هي أكمل صورة يتمناها كل شعب في واليه؛ فهو يمنع التعدي على معارضيه من العلويين من غير تكليف أو إقرار عسكري، ويتمتع بديمقراطية لا حدود لها فيسمع في مجلسه لآراء المنتقدين عليه، ويعود مرضى المعارضين في بيوتهم كما فعل مع (ابن هانئ)، وصوَّر المسلسل تواضعه الجم فكان يأكل مع خادمه في طبق واحد، حتى مطاردته (لمسلم بن عقيل) وطلب القبض عليه ينبعان من تخالف سياسيٍّ، وليس استبدادًا وتسلطًا، فإذا كانت صورة والٍ من ولاة الخليفة يزيد بن معاوية بهذه الحكمة السياسية -كما يرسم المسلسل- فكيف كانت صورة حكم معاوية رضي الله عنه وهو الصحابي الجليل؟! ولأن المسلسل إيراني، عندنا ثلاث إجابات، واحدة منهن صواب، واثنتان خطأ:

1-المسلسل لا ينقل الحقيقة ويزور التاريخ؛ وعند ذلك الشكُّ يدخلنا في الغرض من تحسين صورة قاتل الحسين رضي الله عنه، بدلاً من إظهار سيئاته، وتشويه صورته لتبغيض الناس إليه وتنفيرهم منه.

2-المسلسل يتمتع بمصداقية تاريخية؛ فالنتيجة التي خرجت بها عن عدل معاوية نتيجة منطقية.

3-المسلسل يستخدم شعرة معاوية؛ لئلا تفقد القناةُ مشاهديها وأولهم أنا. للتغشيش: (الإجابة الصحيحة تتطابق مع أول سطر).