Culture Magazine Thursday  20/01/2011 G Issue 330
فضاءات
الخميس 16 ,صفر 1432   العدد  330
 
كلمات
المثقف العاجز
محمد بن أحمد الشدي

كلما وقعت أمة من أمم العالم الثالث في مأزق أو تعرضت لهزيمة أو نكبة! أو ابتليت بمصيبة أو كارثة مثل ما يحصل اليوم لعالمنا العربي. هرعت إلى مفكريها ومثقفيها تستنجد بهم لانتشالها من الوحل والموت، وكأن بيد هؤلاء المثقفين والمفكرين عصا سحرية قادرة على تغيير الواقع بلحظة واحدة، أو قلب الأمور رأساً على عقب!!

- الأمة في مثل تلك الظروف من شدة لهفتها للخلاص مما تعانيه، يرتجف على شفاه أبنائها سؤال جارح كحد السكين وهو: أين المفكر أو أين المثقف؟ ولماذا لا يتحرك، أو يفكر، وهل المفكر، أو المثقف موجود فعلاً أم غائب أم مغيب؟ هل هو واقف كالشجرة، أم مذعور هارب يتوارى خلف ظله!!

- ومن هذه الأمم الحالمة بمعجزات المفكرين أو المثقفين الأمة العربية فهي أيضاً تستغيث وتستنجد وتنادي مثقفيها ومفكريها أحياناً بالصراخ وأحياناً بالبكاء والتوسل الذي يدعو إلى الشفقة والرثاء.

- ولكن هذه الأمة الصارخة المولولة. ولنفرض أنها الأمة العربية تنسى أنها أهملت المفكر أو المثقف وتركته يموت جوعاً وحرماناً وفقراً وأنها خذلته دائماً وأنها هي التي دفعته أحياناً إلى التشرد والهروب والمنفى الاختياري، أو لدفعه إلى الصمت والاستسلام وتغيير مواقفه ومبادئه من أجل اللقمة له ولأطفاله. أو جعلته من عامل شريف إلى شريد طريد مثل ما فعلت بعض البلاد التي شردت الملايين من أبنائها بأفعال مختلفة مثل «تضامن الأحزاب والسعي لامتلاكها للأسلحة لتخيف شعوبها»!

- الأمة العربية لا تعتبر المفكر أو المثقف إنساناً عادياً مثل أي إنسان آخر يحتاج إلى الطعام والشراب والمسكن وحتى للقلم الذي يكتب به ولم تحسن أو تشعر بآلامه وطموحاته في أوقات اليسر والدعة. ولكنها تريده فقط في أوقات الشدة والمصائب ليرفع عنها الضيم والكابوس وإذا لم تجده اتهمته بأعظم التهم ووصمته بأقذع الألقاب والصفات أقلها الخيانة والجبن.

- حدث مثل هذه المواقف بالنسبة للمفكر أو المثقف في كل هزائمنا العسكرية والنفسية والحضارية.. وكان المفكر أو المثقف العربي مثل عنتره الذي يدعى إلى الحرب وإلى الحلب والصر، ولا يدعى إلى المجالسة والمؤانسة!!

- المثقف أو المفكر مسكين.. مسكين حتى البكاء، ولا يستطيع أن يفعل المعجزات وهو ضعيف ومحروم ولا يقدر على دفع الظلم عن أمة كاملة وهو غير قادر على دفع الضر عن نفسه!

- ثم لماذا هو مطلوب من المفكر أو المثقف أن يحترق ويضحي بنفسه من أجل مجتمع أهمله إهمالاً تاماً؟ ألا نذكر نحن العرب أنه في الماضي البعيد والقريب. كيف مات العديد من الشعراء والمفكرين والمثقفين في المنافي جوعاً وإهمالاً بفضل همة أولئك الأشاوس من الأحزاب والطوائف المتناحرة!!

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة