Culture Magazine Thursday  20/01/2011 G Issue 330
فضاءات
الخميس 16 ,صفر 1432   العدد  330
 
عن لماذا؟
سؤال أول
لمياء السويلم

في تلك الشبكة الاستفهامية التي نديرها بيننا منذ وقت قريب وبعيد نتساءل فيها عن مجتمعنا، نجد الكثير من الأسئلة الملحة ذات الحضور شبه الدائم في تفكيرنا، قد تبدو الأسئلة في اللحظة الأولى من النظر فيها ليست متشابهة ولا حتى تنطلق من قاعدة أفكار واحدة، لكننا من الممكن أن نلحظ التوقيت الواحد الذي تتكثف فيه هذه الأسئلة الملحة وتثار معها حمى الأجوبة، وهذه الأجوبة بوصفها الأساس الذي تنطلق منه الآراء المختلفة في واقعنا الاجتماعي، الآراء التي رغم حدة اختلافها الشكلية إلا أنها تبقى وليدة استفهام واحد ربما ويسعى الجميع على فرضها بالإقناع أو بالقوة أو بالوصاية وغيرها، فما هو التوقيت الذي تشتد فيه هذه الآراء وتحتد والتي ليست إلا أجوبة تلك الأسئلة التي تضرب في أعماقنا وأخذت تتخفى في لا وعينا مع الأيام.

نسمع في الثقافة الشفوية مثلا سؤال (من متى صار هذا الصح!) يردفه مباشرة جواب (من يوم الدنيا وهذاك الصح) والذي يسأل ويجيب هنا هو صاحب الرأي (جديد علينا هالكلام) والذي كثيرا ما يستشهد ب(كل مبدعة ضلالة، أو علامات آخر الزمان) ومن السهل هنا أن نلحظ هذا القالب من السؤال والجواب في التفكير الشخصي لكل فرد منا بفترة ما من حياتنا وربما أكثر الفترات، عدا عن سهولة ملاحظته في مختلف الأوساط الاجتماعية التي نعيشها، فإذا ما كان الكلام في هذا جديدا بالنسبة لتفكير أحدنا أو جميعنا فلابد وأن الواقع يحمل الجديد أيضا، فلماذا الجديد وليس القديم هو ما دفعنا للسؤال، وما هي طبيعة الأسئلة التي يثيرها هذا الجديد سواء كان حدثاً شخصاً أو قراراً، هل هي أسئلة محايدة أم أنها تنطلق من مواقف مسبقة وربما موقف واحد لا أكثر، هل نقاربها بحساسية ما، هل الجديد يحمل بالنسبة إلينا معنى الجدة فقط، ما هي الدلالة التي تضرب بأعماقنا حينما ندرك للحظة الأولى أن أمرا ما قد استجد، ماذا يتطلب هذا الجديد منا، وكيف يقع أثر هذا المطلب علينا.

ولأن «عن لماذا» لا تجيب بل تسأل، فالسؤال هنا عن الحالة المختلفة التي نعيشها مع الجديد، هل هي حالة اختلاف نلحظها على تصرفاتنا، أم أنها اختلاف نحس به على مستوى شعورنا، أو أنه اختلاف في الفكرة التي ندركها عن الجديد وعن أنفسنا نحن بحدوثه، وكيف يمكن أن يختلف شيئا عن ذاته إلا بأن يتغير، وهل حقا تتغير تصرفاتنا ومشاعرنا وأفكارنا، هل حقا نتغير نحن، وإذا ما كان كل يوم وأقل يحمل جديدا دون أن يجد بنا أي تغيير حقيقي، فكيف هي الحالة التي سنكون عليها مع هذا المتغير في واقعنا، حولنا وعلينا، وإذا كان ثبات الحال الإنساني فردا أو جماعة يستحيل ديناميكيا، فكيف نعيش هذا الديناميك دون أن نتغير، وبعبارة أدق دون أن ندرك هذا التغيير الحيوي بأنفسنا وبمجتمعنا، وأن لا ندركه لا يعني أنه لا يحدث، وأن يحدث دون إدراكنا فيعني ذلك أننا لا نوجهه بل يوجهنا، وإن كان يوجهنا دون أن نعي فنحن يفعل بنا ولا نفعل، نحن هنا محل المفعول به لا الفاعل، ولأننا لا نعيه فنحن نقاومه كتغيير دون أن نعي أيضا، وإن كنا نقاومه دون أن ندرك فنحن نشوه دائرته الحيوية ونشوش عليها ولا نعطلها، إذ لا نستطيع تعطيل الدورة الطبيعية لوجودنا كمجتمع، والنتيجة ليست في أننا بمقاومة التغيير نفسد حيوية الإنسان وديناميكية تجربته الاجتماعية (السعودية) بل النتيجة هنا في السؤال: لماذا مجتمعنا يقاوم التغيير وهل ندرك أننا نقاومه؟

Lamia.swm@gmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة