جدة - صالح الخزمري
عبَّر الإعلامي جبريل أبودية عن حزنه العميق لفقد الراحل الشاعر محمد الثبيتي وقال: رحم الله الصديق الطيب القلب المفعم إنسانية ومودة.. الشاعر العربي الكبير البدوي الرائع المسحور بالشعر حتى الثمالة (محمد الثبيتي). سعدت بمعرفة هذا الصديق الصدوق أول مرة في أروقة فندق العطاس القديم في حي البغدادية في جدة الحبيبة.. حيث كان يأتي ومجموعة من مثقفي مكة الى جدة منتصف أواخر كل أسبوع لحضور النشاطات المنبرية التي كان يقيمها نادي جدة الأدبي آنذاك.. وكانت تقام في قاعات هذا الفندق وفي اللحظات البسيطة التي تسبق الأمسيات الشعرية أو النقدية أو القصصية.. وأحياناً بعد نهايتها تجمعنا حوارات جانبية ممتعة وراقية حول الأمسية ذاتها أو حول قضايا ثقافية أخرى.. وفي واحدة من هذه الجلسات الجانبية تعرفت على شاعرنا الكبير عن قُرب.. وأذكر أني طلبت من الراحل الثبيتي حواراً إذاعياً مطولاً أبثه في البرنامج الثقافي الذي كان يبث آنذاك في البرنامج الثاني تحت اسم: (النادي الأدبي).. لكنه اعتذر لوجود ارتباطات أسرية.. ووعدني أن نجريه مرة أخرى.. ووافق على لقاء سريع للبرنامج المنوع الذي كنت أعده وأقدمه مساء كل أربعاء أنا والزميلة الإذاعية (وفاء عبد الله)، من هذه المواقف البسيطة والمحكات الودية التي لم تكن تخلو من نقاء السرائر ورقي السلوك عرفت محمد الثبيتي ومعي مجموعة من أروع ما قدمته حقبة الثمانينيات الميلادية من الشباب المبدع والمثقف بحق.. كانت أجواء الثمانينيات في جدة الثقافية والفكرية محرضة على مزيد من التلقي والمميز من الإبداع.. وكان في قمة التوهج الذي سعدنا به أنا وأترابي من شباب تلك المرحلة تجليات سيد البيد مهندس جغرافية الكلمة والصورة الشعرية الشاعر العربي الكبير (محمد الثبيتي) والنشاط النقدي المحموم للناقد العربي الكبير (د. عبد الله الغذامي).. صحيح أننا كمتلقين كنا نختلف مع هذين الرمزين في بعض ما يطرحانه ونتفق معهما في أحايين أُخر.. إلا أن ذلك لم يؤثر مطلقاً على تعلقنا المنبهر بسحر قصائد الثبيثي.. حتى كنا نردد في لحظات خلوتنا آنذاك في دهاليز السكن الجامعي بعضاً من مقاطع (تغريبة القوافل) إن محمد الثبيتي ونحن نؤبنه.. نؤبن شاعراً مولعاً بتعبه الشعري حتى أضناه ونرثي لحال القصيدة الموقدة بروح التاريخ والمضمخة بعطر دم الشاعر الذي نشتمه في كل حرف وصورة وإيحاءة حرة رقيقة فيها.
