لا يمكن أن نختلف على أن التأثر بأعمال غيرنا في المجال التشكيلي أمر إيجابي تفرضه الفطرة وما يتبع ذلك من مؤثرات في المحيط خصوصا في بدايات تلمس الفنان لدربه ومساره، ومع أن الأمر مرتبط بنظريات فلسفية فسنأخذه على بساطته دون توسع مشيرين إلى أن هذه الحالة يمكن أن تولد حالات أخرى في السياق نفسه كأن نقول تأثر ويؤثر أو لم يتأثر وما يمكن أيضا أن ينتج عن التعامل مع هذا الإحساس أو الفعل الطبيعي عند الإنسان الممتلك للعقل والقدرة على الابتكار وتطوير الذات من أن يتعرف على مصادر التأثر ليأخذ بعدها مهمة التأثير على الآخرين وهكذا.
وإذا عدنا لموضوعنا اليوم المتعلق بتعامل الفنانين التشكيليين القدامى في الساحة أو الأجيال الجديدة بجانب التأثر فكل منهم مر بهذه الحالة فالبعض أكسبته الخبرات ومنحته القدرة على توريثها للآخرين من خلال تأثرهم به وبجديدة المستقى من تجارب من سبقوه، كما أن هناك من لا يمتلك القدرة على التأثير فتوقف عند حد التأثر ولم يتجاوزه إلى لفت نظر من بعده، فبقي كما هو، أما الأخطر في كل تلك الحالات فهي ما يتوقف عندها البعض ويمكن وصفهم بمدمني التأثر الغير مستقرين فلا هم اكتسبوا خبرة يمنحون نتائج تطويرها للآخرين ولا هم بقوا على تقليد من تأثروا به وأكملوا مشواره لعدم تحقيقهم لمفهوم التأثر والبقاء عند بوابة التقليد إذ نرى لهم في كل معرض أسلوبا ونمطا وتبعية لفنان جديد وقعت عينهم على أعماله في معرض أو عبر البحث في الشبكة العنكبوتية. بل واصلوا التقاط التجارب من كل حدب وصوب كحاطب ليل..
هنا نقف عند الهدف من تلك المقدمة لنشير إلى ما يحدث مؤخرا في الساحة المحلية من وجود أعمال تشابهت فيها الرموز وسبل التنفيذ ومن مناطق مختلفة ومتباعدة لا يلتقي المبدعون فيها ببعض إلا من خلال المعارض أو الاطلاع على جديدهم من خلال الإنترنت، تلك الأعمال تجعلنا نتوقع أنها لفنان واحد أو نتاج مرسم مشترك فأصبحنا لا نعلم مصدر اللوحة أو لمن..؟، فقد (تشابه البقر) كما يقولون أو ما يذكرنا بالنعجة (دولي)، هذه الأعمال لها منابع سابقة تميز بها العديد من التشكيليين في مصر والسودان وعلى مستوى الخليج إلا أن أقرب وأكثر تلك التجارب تبرز في أعمال الإخوة التشكيليين السودانيين.
monif@hotmail.com