Culture Magazine Thursday  03/03/2011 G Issue 333
فضاءات
الخميس 28 ,ربيع الاول 1432   العدد  333
 
ذكرياتي معهم
أحمد السباعي
د. حمد الزيد

شيخ الصحافة السعودية ورئيس تحرير عدة صحف كان آخرها مجلة (قريش) التي نشرت ذات يوم مقالا لي عن «تأخر السياحة في بلادنا»، وأنا طالب في المرحلة الثانوية بالطائف، هذا الرجل العملاق الذي كان يكتب في مواضيع اجتماعية ضرورية لتقدم المجتمع، وأول من فكر في قيام مسرح في البلاد، وأنشأه بالفعل في مكة ودرّب الشباب لأداء أول مسرحية تاريخية تمثل في تاريخ البلاد ولكن الأمر بإغلاقه جاء قبيل افتتاحه؟! وهو مؤلف كتاب تاريخ مكة والعديد من الكتب التي من أهمها كتاب «دعونا نمشي» ويمثل التيار الإصلاحي من جيل الرواد وقد خلط بين الصحافة والأدب والاجتماع والتاريخ وأخذت منه الصحافة وقتاً كثيراً يوم كانت صحافة الأفراد سائدة.

كان صادقاً في طروحاته ومخلصاً لوطنه ولقضية التقدم على أرضه. رأيته لأول مرة في النادي الأدبي بالطائف عام 1395هـ وقد جاء إلينا بدون دعوة وكنت وقتها رئيس النادي ولم أتعد الرابعة والثلاثين من عمري فأكبرت الرجل وفوجئت بتواضعه الجم وتودده ولطفه وكان عملاقاً قوي البنية تحبه وتحترمه من أول لقاء كما كان قليل الكلام.

وهذا أزاح عن ذهني صورته السابقة، فقد تخيلت الرجل غير ذلك مما أقرأ له من عنف في النقد واعتداد بالرأي وجرأة، وكما تقول العرب ليس الخبر كالعيان.

وفي السنة الثانية أيضاً وكان يصيّف بالطائف كان يرتاد النادي ونجتمع به ونأنس لوجوده، وكان يحضر الندوات والأمسيات الشعرية.. ولكننا للأسف لم نضغط عليه ليلقي محاضرة أو لعله اعتذر عن ذلك - لا أذكر في الواقع؟! وإنما أذكر من ذكرياتي معه ذلك اللقاء الصحفي المطول الذي احتل صفحتين كاملتين في جريدة «الرياض» وقد أجريته معه ك(فزعة)! مع الصحفي محمد رضا نصر الله وكان على ما أظن أطول حديث أدلى به -رحمه الله- في حياته كما كان الحديث مثيراً إذ كنت ونصر الله نحمل أفكاراً متشابهة، كما أن مقابلة الأديب والصحفي المحترف، كان في حد ذاته حدثاً استثنائياً في المقابلات الصحفية، وكان صريحاً وكريماً معنا وقد أجرينا الحديث معه في بيته في الطائف وشغل صفحتين كاملتين في جريدة الرياض، وقد اشتركت في إلقاء الأسئلة برغبة من الأخ رضا وحباً مني للأستاذ السباعي وألقيت عليه أسئلة صريحة، أجاب عنها بصدر رحب.

كتبت عنه في كتابي (كاتب وكتاب) وعن أحد كتبه الصادرة وهو بعنوان «قال وقلت» ما يلي: (والأستاذ السباعي أديب وصحفي كبير وهو أمد الله في عمره قد أفنى حياته وحيويته في خدمة القلم ومحراب الفكر، وكان جريئاً فيما ينقد ويكتب، وكان يشجع إنتاج الشباب في مجلة قريش.. التي أصدرها من مكة المكرمة، وهو أول من أقام مسرحاً وتحمس لافتتاحه في مكة المكرمة ولا يزال وهو في شيخوخته يكتب ويفكر ويؤكد كل فكرة بناءة أو رأي يساعد على تطوير المجتمع..).

رحم الله السباعي فقد كان عملاقاً ليس بجسمه وحسب وإنما بفكره ولطيفه وتواضعه فكان حقاً يجمع بين أدب النفس وأدب الدرس وكان كما يطلب عليه بحق شيخ الصحافة السعودية، وكان جريئاً في قول الحق، ويشجع الشباب ويرنو كغيره من الذين سبقوا عصرهم إلى غد أفضل.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة