قالت حسنة لزميلتها ضحى وهما تتمشيان في فناء المدرسة: أعيش وحيدة مع أولادي الثلاثة، هاتي أولادك وتعالوا اقضوا يومًا معنا!.
اتفقتا على أن يُحضِر زوج ضحى زوجته والأولاد عند باب المدرسة يوم الجمعة الساعة الثالثة عصرًا، وتأتي حسنة لتصحبهم إلى بيتها القابع في شارع ضيق غير معبّد، وعلى أن يأتي الزوج مرة أخرى في العاشرة مساء لأخذهم.
قالت ضحى لحسنة لماذا لم يأتِ الأولاد معكِ؟
- ينتظرون أولادك في البيت، هم يخجلون من الناس البالغين، تعوّدوا على ذلك، لا يخالطون إلا الذين في سنهم، هذه طبيعة أطفال الضواحي البعيدة، نحن في هذه الضاحية لنا قوانيننا التي تفرق بين الكبار والصغار، أنا شخصيًّا لا أحبذها، لكن أطفالي اكتسبوها من بيئتهم، أنتم في المدينة لا تلزمون أطفالكم بهذا... أطفالي سيسعدون بأطفالك منذ وقت طويل لم يلعب معهم أحد في سنهم.
- في سنهم فقط، الطريق حتى الآن يقول في سنهم ومن غير سنهم، من أين تخرج طالبات المدرسة؟!
- على فكرة! ما الذي تم بخصوص طلب نقلك إلى مدرسة في مدينتك؟
- تعبت من المراجعات والتردد على إدارة التعليم، ليس هناك جديد، والمصيبة لا تؤاخذيني على ما سأقول لم أتصوّر يومًا من الأيام أن يتم نقلي لأعمل في ضاحية لم أسمع بها، ولم أكن أعلم أنه لا تزال في هذا الزمان مناطق مثل هذه الضاحية، ضاحية معزولة ومهجورة، عبارة عن فضاء واسع من تراب، خالية من مظاهر الحياة، لا يوجد بها إلا عشرات المنازل المتفرقة، ومدرسة بائسة، أقضي فيها عقوبة تقدير مقبول.
ضحكت حسنة وقالت: هذا تقدير مَن توقِّت موعد ولادتها مع موسم الامتحانات.
- غريبة! كيف عرفت؟
- سمعتك تقولين هذا للمديرة.
- على سيرة المنازل أين بيتك؟ لقد قطعنا مشوارًا طويلاً ولم يظهر!
- بقي القليل، أرجو ألا يكون أولادك قد تعبوا!
ولاح بيت صغير من الطين بباب قصير. دخلوا وعبارات الترحيب تسبقهم.
الرياض