Culture Magazine Thursday  03/03/2011 G Issue 333
فضاءات
الخميس 28 ,ربيع الاول 1432   العدد  333
 
التي تمنع دراسة الأحياء!
فيصل أكرم

كثيراً ما أحزنتني دراساتٌ -أو رسالاتٌ- جامعية تتناول الشعر والشعراء بأقل من الحد الأدنى المقبول في الكتابة الأدبية الاحترافية، ومع ذلك تحصل على أعلى الدرجات ومراتب الشرف!

وتلك النوعية من الدراسات (الجامعية) تكون في غالبيتها عن شعراء راحلين، وكنتُ أستغرب: هل ينتظر الدارسُ موتَ الشاعر حتى يبادر بقراءة شعره والانشغال به؟!

في العدد الماضي من (الجزيرة الثقافية) - الخميس 17-2-2011 جاءت مقالة صغيرة للدكتور عماد حسيب محمد عنوانها (رسالة علمية عن تجربة الثبيتي الشعرية) عرفتُ من خلالها بعضَ ما كنتُ أجهله عن آلية التعاطي (الجامعي) مع الشعراء، موتى كانوا أو أحياء.. إذ يقول د. عماد، في معرض حديثه عن البحث المقدم من الطالب هادي أحمد زائري عن تجربة محمد الثبيتي الشعرية: (.. وقُدمت الخطة للجنة الأدب والنقد، ونوقشت وسط إعجاب الكثيرين بطرافة الموضوع وجدته، واستطعنا أن نكسر القاعدة التي تتبناها كثير من الكليات في كثير من الجامعات، التي تمنع دراسة الأحياء)..

لا أدري إذا كانت هذه العبارة، أو الجملة الأخيرة من العبارة تحتاج مني إلى تعليق، أو الاكتفاء بجعلها (عنوانا!).. ولكني فقط سأقترح على -تلك- الجامعات استغلال وجود الشاعر والدارس معاً على قيد الحياة من أجل التلاقي والتحاور والإيضاحات للخروج بمنجز بحثيّ يرقى أن يكون مكتوباً معاصراً للشعر والشاعر، وليس مجرد قراءة انطباعية تستند على ما كتب سابقاً دون التوقف على التفاصيل -أو التفصيلات- والإشارات والإحالات والترميزات التي لا يدرك أبعادها كاملة إلاّ الشعراء أنفسهم ومن يجري بخطوات موازية لهم من الهم والإبداع..

أقولُ: كنتُ أستغرب كيف أن عدداً محدوداً جداً من الجامعات العربية نراه ينتج دراساتٍ عن شعراء (أحياء) بينما العدد الأكبر من الجامعات لم نرَ له من الدراسات والبحوث إلا الذي مات استهلاكاً وتكاثرت عليه وتسابقت إليه الأقلام لسبب غياب الشاعر ودخوله في قائمة الراحلين..

فتحية لكل جامعة وكل أستاذ وكل طالب جامعيّ يكسر تلك (القاعدة) -القاصرة- (التي تمنع دراسة الأحياء)، على أمل في أن نجعل من تلك المؤسسات التعليمية المكلفة شيئاً يضاف إلى المنجزات الإبداعية التي أفنى الشعراء أعمارهم من أجلها، ليكون الكشفُ موازياً للتورية ما بين الشعر وقرائه، والشاعر ودارسيه، والحاضر والمستقبل - وليس الماضي والماضي فحسب!

(نفسهم.. والسوابق نفسها):

أخذوا دروساً في الكلام

تكلّموا..

لكنهم لم ينتجوا شيئاً يليق بهم

سوى صمتٍ عظيمْ.

أخذوا دروساً في الحداثةِ والقديمْ

لكنَّ تاريخاً سيُقبل نحوهم,

سيشدّهم حتى عميق الشكل والتلوين

ماذا لو تجسّد كالحطامْ..؟

هل سينفعهم ظلامٌ, بعد أن خسروا المنامْ..؟

أخذوا دروساً في التيقّظ،

كان أوّلهم يسيرُ إلى وقوفٍ بارزٍ

جادت به الأطرافْ..

رقصتْ عليه مدينةٌ ضحّتْ لديه،

وأورثته ثقالها.. من بعد ما اختطفَ الخِفافْ.

أخذوا دروساً حول ما يأتي، ومن يأتي

فهل..

هل سوف تولدُ غيمةٌ في خيمةٍ ما مسّها غيرُ الجَفاف؟!

ffnff69@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة