على الرغم من تطور وسائل التقنية في مجالات التصنت والتتبع والتوقع لمستوى هائل قد لا يتصوره عموم البشر في هذا العصر، فهذا صوت وصورة في رصد دقيق لحركات بطيئة تمتد لأعوام وتلك لقطات سريعة موثقة لأقل من جزء الثانية بمرات التقطت بوسائل أدق وأصغر، إلا أن العلم والعقل لم ولن يتوصل إلى ماذا يفكر فيه الآخر وكيف يفكر وهل تفكيره ثابت أم سوف يتغير! وكل البشر يقرون بهذه الغيبية الحقيقية ولكن فتن الكثيرون في مجتمعاتنا باستباق قراءة الأحداث وذلك طبعا بعد أن يعلن عن أجندتها مباشرة ، تقدم عجيب في ادعاء معرفة بطون الأمور ومقاصدها وقد غيبوا تماما استشرافها مسبقا أو رفضوا المشاركة والمبادرة في إعدادها وفي معنى آخر وإنما هو مماثل لذلك تماما في اللانتيجة حيث ينزلقون أياما وأسابيع وشهورا في الحديث عنها علنا دحضا ورفضا والمتلقي هنا يدور في رحى المنقول و وصد الأبواب واللارغبة في العبور ومن ثم يصدر حكمه مابين هذا وذاك فأي حكم عادل وأي علم حاضر وأي تغيير حاصل!.

نتفق جميعاً أن الاختلاف مرادف للاحترام والمتأمل في واقعنا يقول إن الاختلاف مرادفه العداوة ! وليس يكتفى بهذا الحد بل سعي لإثارتها وتعميمها في كشف تام لسقوط الأخلاق لمستوى السطحية حيث تصل الانفعالات لرغبة جادة لمن نأى بنفسه عنها أن يبادر لفحص قدراتهم العقلية !

ويخيل لي كثيرا سماع حديث نفس الكثيرين وأسآهم حين ينجرف في هذا المنزلق المتدني صاحب علم وفكر ودراية ولهج قلوبهم المنتظرة لإفاقته وحين لا يظهر أفقا لهم تتمثل فطرتهم السوية لوصية خير البرية «إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك نفسك»عليه الصلاة والسلام.

كل فرد منا صاحب فكر متفرد و الثوابت واحدة وليس علينا الإجبار بل قول معروف و إيضاح واتفاق لأجل الحفاظ على خلود الثوابت و لكل في وجهته بيان.

يقول الفيلسوف جون لوك: «على الناس أن يحترموا حياة بعضهم البعض وملكية بعضهم البعض وإلا فإن المجتمع يدخل في حالة من المشاعية والاضطراب الخطير وهذا ما يؤدي إلى تدمير الحياة الاجتماعية».