الثقافية - فاطمة الرومي
رغم أهمية أدب الطفل إلا أنه لا يزال يعاني لدينا تأخرا على مستوى الكيف وشحا على مستوى الكم قياسا بأدب الطفل في الدول المتقدمة، فما هي أسباب تأخر صناعة الكتاب الموجه للطفل في وطننا العربي عموما؟
هل يراعي الكاتب فيما يكتب النمو والتطور التقني والمعرفي الذي يعيشه الطفل في الوقت الحاضر؟
وما هي العقبات التي تواجه أدب الطفل وهل قلة أو انعدام التمويل هي العقبة الأبرز أم ثمة عقبات أخرى؟
أين النقد والنقاد من نتاج أدب الطفل؟
لماذا يبقى نتاج أدب الطفل خارج دائرة الترشيح للجوائز الثقافية؟ ألا يعد هذا تقليلا من شأنه؟
في البدء تحدث القاص جبير المليحان قائلا: لا تأخذ الثقافة مكانها الصحيح في البلدان النامية؛ ومنها البلدان العربية، ويتفاوت ذلك من بلد عربي إلى آخر، لكن الثقافة تأخذ المسار الهامشي بشكل عام. ولذلك تبقى رهن الصدقات (من القطاع الخاص)، والهبات (من المؤسسات الرسمية).
وإذا كان هذا شأن الثقافة بشكل عام، فإن موضوع أدب الطفل وأهميته مثل شعلة حلم ضائعة في غابة من ظلام. ويضيف المليحان:
إن أدب الطفل صعب، وشائك، وبدون رعاية رسمية له، وخطط جادة، وتوفر بنية تحتية حديثة، ووسائل نشر، وتوفر أموال لدفعه وتغذيته وتطويره لا يمكن أن يسير صحيحا على قدمين. و كل المؤشرات الموجودة في واقعنا يؤكد أن لا شيء منها موجود.
أيضا لابد لمن يتصدى للكتابة للطفل أن يكون مسلحا بأدوات الكتابة الصحيحة التي تتطلب المعرفة العميقة بخصائص نمو الأطفال العقلية والنفسية والجسدية، ومعرفة القاموس اللغوي الشائع لكل فئة عمرية، والرؤية العلمية الصحيحة، والدقة في معرفة كيف يفكر الأطفال! عليه أن يفكر كما يفكرون، ويرى كما يرون، ويحلم، ويتصور، ويتخيل، وعليه ألا يكون مباشرا، أو واعظا، بل عليه أن يدس رسائل قيمه وأهدافه تحت أسطر الكلمات.إن للأطفال مفاهيم طرية وغريبة وجميلة بالنسبة للحياة والكائنات والأشياء، فهم يتمتعون بخيال مطلق، وكلما تأدلجت أدمغتهم بفعل البيت أو البيئة، ضمرت خيالاتهم.
أما العقبات فكثيرة؛ فلا توجد جهة جادة تتفهم أهمية أدب الطفل، إضافة إلى صعوبة الكتابة الجيدة، وندرة من يتقنون كتابة أدب جيد للطفل. ثم عقبات النشر والتوزيع، وتمويل التأليف..
النقد غائب عن المشهد الثقافي كله. وربما لا يعرف السادة النقاد أن هناك شيئا اسمه(أدب الطفل) ويختم بقوله:
وأما عن بقاء أدب الطفل خارج نطاق الترشيح للجوائز الثقافية فالسؤال موجه إلى وزارات الثقافة والإعلام والتعليم العالي، إن كان مسئولوها يقرؤون.
الدكتور محمد الربيع تحدث حول ذلك بقوله:
تلك قضية كبرى من قضايا خطابنا الثقافي الذي تتخبط فيه الأقلام ويشارك فيه من يعرف ومن يهرف ويقدم عليه من يتعلم الحلاقة في رؤوس اليتامى حتى رأينا العجب العجاب من كتابات وقصص لا تناسب المستوى اللغوي والعقلي والنفسي للأطفال لأنها لم تصدر من خبير متمرس يعرف الحاجات والخصائص لكل مرحلة عمرية ويعرف المعجم اللغوي لكل مرحلة عمرية فكان الضحية هم الأطفال.
فلا القصص مناسبة. ولا الشكل والإخراج ملائم. ولا عناصر التشويق والجذب متوافرة، يجب أن يعلم هؤلاء المؤلفون أن الطفل هو الناقد الأول لما يكتب له، وأن من الحكمة أن نعرض قصص الأطفال قبل طبعها وهي في مرحلة التجريب على مجموعة من الأطفال ليقولوا رأيهم فيها. فلما لا أتخذ من طفلي مستشاراً لي فيما يناسبه وما لا يتفق مع مستواه العقلي والعاطفي.
لا أريد أن أرسم صورة قاتمة لذلك فلدينا باحثون جادون كتبوا عن الطفل. ولدينا كتاب وكاتبات أبدعوا في الكتابة للطفل. لكن الرديء أفسد الجيد.
قاصة الأطفال فردوس أبو القاسم تحدثت حول ذلك قائلة:
أعتقد أن الأسباب عديدة في تأخر صناعة أدب الطفل لدينا في العالم العربي منها أننا لم نصل بعد للوعي الاجتماعي والثقافي المهم بأن أدب الطفل ليس نوعا من الترف الثقافي أو الحضاري. بل هو جزء مهم في بناء شخصية الأطفال عماد المستقبل. وهذا الأدب هو ما يرتقي بسلوك الطفل إذا كان مضمونه متفقا مع القيم الاجتماعية الصحيحة فالحضارات تقوم على مثل هذه القيم. فالدول المتقدمة أدركت من أين يجب أن تبدأ لذا حظي مجال أدب الطفل لديهم بالاهتمام والتركيز وتفرد التخصص فيه وتضيف القاصة فردوس: وأرى أن هناك اهتماما ملحوظا من قبل الأدباء السعوديين في مجال أدب الطفل وجهود بسيطة قام بها عدد من الأدباء ولكنها قليلة الأثر مقارنة بأدب الكبار وتؤكد: نعم الكاتب الواعي لابد أن يراعي السمات المطلوبة في الخطاب الأدبي الموجه للطفل من جميع جوانب النمو المعرفي والتقني وخصائص المرحلة العمرية والعقلية له من حيث استخدام اللغة العربية الفصحى ووضوحها وبساطتها مع قوة جمالها أما بالنسبة للعقبات فأولها هو أن الطفل لدينا ليس قارئا للأسف كما هو مأمول ولم يعزز بشكل متواصل على أن يكون قارئا. وأتصور بان الاهتمام بأدب الطفل سيرتقي عندما نعرف الطفل أهمية القراءة.
أما عن النقد والنقاد فهم موجودين في الساحة الثقافية أكثر من الكتاب، ولعل بعض النقد محبط وتضيف: لا أتفق معك فنتاج أدب الطفل ليس خارج دائرة الترشيح للجوائز الثقافية بشكل يمكن أن نقول عنه إقصاء، أو تقليل من شأنه فالساحة الثقافية اليوم لدينا تشهد بعض هذا التكريم والترشيح ممثل في جهود وزارة الإعلام. شخصيا ولله الحمد تم تكريمي في مهرجان اليوم العالمي للطفل الذي نظمته وزارة الإعلام برعاية كريمة من معالي د. عبد العزيز خوجه.. ولعل المستقبل يحمل تفعيل لتلك الطموحات التي نأملها في تعزيز دور أدب الطفل في تشكيل شخصيته السوية.