اطلعت على البحث الذي كتبه زميلي وصديقي أ.د. عبدالحميد محمد سلمان الأقطش (خاصة وولائدها في الاستعمال العام: نظرة لسانية حول مسألة من صور التوسع في العربية) الذي نشر في (دراسات، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر، المغرب- أكادير، ع12، 2006م). تناول الباحث في مدخل الموضوع مسألة اللغة والاستعمال مبينًا طبيعة اللغة المتغيرة بسبب الاستعمال، ثم أفضى إلى الكلام على الموقف من اللغة بين تقويمها على نحو معياري وتحليلها على نحو وصفي، وبين أهمية الشيوع في التقعيد، وذهب إلى القول إن التغير اليسير في بعض جوانب اللغة لا يذهب بفصاحتها، وراح يفصل في دواعي العدول عن مألوف اللغة فعدد منها الجهل بقيود القاعدة، وهفوات اللسان، والارتجال الاعتباطي، ورعاية فنية الأسلوب وبلاغته، وانتقل الباحث للحديث عن المادة التي أقام عليها بحثه، وهي جامعة بين نصوص تراثية ممثلة للغة القرآن الكريم والحديث الشريف والنثر العربي قديمه وحديثه. وركز الباحث في درسه على اشتقاقين من الجذر (خ/ص/ص) هما (خاصة، خصوصًا)، ومن الغريب إهماله (خِصّيصًا) الذي شاع استعماله بهذه الصورة المخالفة للفصيح (خصّيصى). وأعد الباحث جملة من الكشافات المبينة لأنماط اللفظين بأمثلة سياقية كاشفة عن وظيفة الاستعمال وصوره، واهتم بتوثيق تلك الأنماط، ومضى الباحث إلى معالجة عميقة لعلاقات التركيب في مسألة (خاصة وولائدها) مبينًا في بنائية النص أشكال المخصوص من حيث الفردية والجملية، وتناول الباحث ستة جوانب من علاقات ذلك اللفظ؛ وهي: بنيته الصرفية، والتصاقه التركيبي، وما يدل عليه من التعيين والعدد، وحالته الإعرابية وهي النصب كما قرر الباحث. وأما الوظيفته النحوية ففصل الخلاف في تعيينها بين القدماء والمحدثين، وذكر الباحث أن القدماء أعربوا (خاصة) مفعولاً مطلقًا لفعل محذوف وجوبًا أو صفة لمصدر، فهو نائب مفعول مطلق أو حال، ويؤخذ على الباحث هنا قوله نائب مفعول مطلق، إذ ليس ثمة شيء كذلك بل النائب عن المصدر والوظيفة واحدة هي المفعول المطلق، وذكر أن المحدثين من النحويين تابعوا القدماء في الإعراب النظري، وتوقف عند إعراب المعاصرين للفظين (وخاصة/وخصوصًا) الذين استبعدوا الحالية؛ لأن الواو عاطفة وهو من قبيل عطف الجملة على الجملة، ولست أدري لم أهمل احتمال عدها زائدة، وتوقف عند إعرابهم (بخاصة/ وبخاصة) وبين غلبة الناحية الشكلية المعتمدة على قواعد النحو الصورية من غير النظر إلى الاستعمال، وللأسف لم يوثق الباحث ما يصفه من مذهب المحدثين، وكذا لم يفعل وهو يبين إعرابهم للمخصوص المفرد حيث يعربونه بعد (خاصة) مفعولاً به، وبعد (بخاصة) مبتدأ، وانتهى الباحث إلى إبداء رأيه في حركة الاسم المفرد بعد (خاصة وولائدها) وانتهى إلى أن الأمثلة المجموعة تظهر أن الاسم بعدها لا يتأثر بها بل هو تابع للاسم قبلها، ولتعميق القول مضى إلى تحليل (خاصة وولائدها) من حيث التأصيل ومن حيث السياق وبين أن الأول معني بتاريخ اللفظ، أما من حيث السياق فقد تحولت الظاهرة من الاسمية فصارت أداة من أدوات المعاني، وانطلاقًا من هذا ضعّف إعراب المحدثين منتهيًا إلى عدها أداة تخصيص والاسم بعدها تابع لما قبله، وتأكيدًا لمذهبه استطرد إلى بحث لفظ مماثل له في وظيفته السياقية هو (ولا سيما)، ولو كنت معالجًا لهذا البحث لجعلت عنوانه في الأصل (من أدوات التخصيص: خاصة، ولا سيما). وبيّن الباحث أن النصوص أثبتت أن حركة المفرد بعد (ولا سيما) كحركة الاسم قبلها أي هو تابع لما قبلها. والباحث قد أظهر عمقًا في تحليله للظاهرة وأراه موفقًا في نتائجه التي انتهى إليها، وجدير بهذا الأمر أن يعمم على طلاب العربية بعد مزيد من اختبار مقولته، وهو أمر ميسور اليوم في عصر الحوسبة.
الرياض