بعد أن كان بينالي اللفظ الأكثر تداولاً في المنطقة على مستوى الفن التشكيلي والفنانين دخل مصطلح جديد هو ال(آرت) التي تسبق عادة اسم المدينة أو الدولة المنظمة أو المستضيفة. فقد ظهرت كلمة (آرت) في إماراتي دبي وأبوظبي، فكان (آرت) دبي الذي يستضيف قاعات أو مجموعات فنية لإقامة سوق تجاري يدعى له رجال الأعمال والمهتمون وبالمثل (آرت) أبوظبي حيث أخذت مشاريع الفن في هذه الإمارة تتزايد من خلال قاعات عروض دائمة أو قاعات متحفية أو خلافهما وكانت، أبوظبي استضافت (آرت) أبوظبي باريس ومعارض لفنانين مشهورين مثل بيكاسو وغيره والواقع أن هاتين الإمارتين مؤهلتان لمثل هذه الأحداث الفنية الكبرى؛ فدبي على سبيل المثال أصبحت محطة لعدد من القاعات الفنية والمجموعات وفي مراكز ذات نمط معماري حديث خاصة تلك التي في مركز التجارة، ودبي أصبحت بالتالي مُستَقطبا للمهتمين بالفنون خاصة فنون التشكيل، وتقيم أبوظبي عروضها ال(آرت) في أكبر فنادقها.
عرفنا النشاط التشكيلي في حجمه الأكبر في دولة الإمارات من خلال بينالي الشارقة الذي ظهر أوائل التسعينيات وكانت إمارة الشارقة تستقطب بداية الفنانين العرب وتستضيف كثيراً من المشاركين وغير المشاركين ولم تزل تمنح الجوائز لبيناليها وتجلب له لجان تحكيم خارجية ومحلية، والدورات الأخيرة شهدت كما هو معرف تحولا فنيا في الاختيار للبينالي فقد توجه عموم البينالي إلى الأعمال الأكثر حداثة واختلافا عن اللوحة الفنية التي لم تزل تحتل الأهمية الكبرى في آرت دبي وآرت أبوظبي وكأن منافسة ما عن من هو الأجدر بالبقاء أو الأكثر جذباً للشراء وبالفعل فإن الأعمال الجديدة أو المفاهيمية أو أعمال الانستليشن عامة لا تجد الطلب الذي تجده اللوحة أو المنحوتة التقليدية وإذا كان من اختلاف فلا يخرج عن نطاق التقاليد الفنية التي أعادت صورة الفنان العربي ضمن عروض الـ(آرت) دبي مثلاً وقد غابت عن البينالي، وهذا جاء وكأنه التعويض عما فقدناه في الشارقة سواء على مستوى المشاركات أو الحضور فالمشاركات اتجهت إلى تيارات الفيديو والفوتوغراف وغيرها أكثر من توجهها إلى لوحة الحامل أو حتى الأعمال الأقل تطرفاً نحو الظواهر الفنية الأحدث وهو ما كان عاملاً في التباعد عن المناسبة (الشارقة) بعد أن كانت تستقطب المهتمين في الخليج أكثر من غيرهم.
(آرت) دبي أو أبوظبي أخذا يستقطبان الفنانين التشكيليين والفنانات وقد لاحظت خلال الدورات السابقة مقدار الحضور السعودي خاصة عندما عرضت قاعة أثر لأول مرة مجموعتها لفنانين مثل عبدالله حماس وصديق واصل وأحمد ماطر والأردني أيمن يسري وغيرهم على أن القاعات الأخرى المهتمة بالفن العربي عامة وبفناني بلدانها خاصة لم نجد بينهم من السعوديين سوى فيصل السمرة.
الفنان السعودي سعى أن يشكل حضوره في المناسبة من خلال عرض أبعد من رواق عن مقر آرت دبي (المعرض) مثلما هو عليه معرض زمان محمد جاسم الذي افتتح الأسبوع قبل الفائت ومعرض مشترك في البستكية لنجلاء السليم وأحمد حسين ونهار مرزوق، كما أقام عبدالناصر غارم العمري من قبل-دورة سابقة- عرضه الفردي وهي في الواقع عروض تواكب الحدث وفرصة يغتنمها ويرسمها الفنانون لتكون أنشطتهم وأعمالهم تحت أنظار المتابعين في مثل هذه المناسبة الفنية الكبيرة.
قاعات العروض المحلية أرى بعضها تركز على أبناء دولها وهي قاعات محدودة لا تتعدى غالبا القاعة الواحدة من الدولة الواحدة وبالتالي وقياسا على إعداد الفنانين وأهميتهم فإن المشاركة السعودية أراها محدودة وعلى نطق أقل بكثير من التجربة المحلية التي يمكن أن يكون حضورها أكثر قوة وتنوعاً، وهذا أمر لم نعرف له سبباً لأن أثر وهي التي حملت اسم المملكة في (آرت) دبي تسعى إلى أن تتواجد على نحو قوي ولكن ليس كل ما تقدمه هو ما تعتقد أنه الأفضل والأبرز في الساحة التشكيلية السعودية.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام