من نِعم الله أننا نرى ضعفنا والعجز فينا، وهو يتكئ على قدرة الله ورحمته ومغفرته، فما نعجز عن حمله أو تسويته نلجأ إلى الله، فنطلب العون من لدنه سبحانه، ونستغيث بشيء من صفاته.. ومن البديهي أن تُسيطر على كل المواقف قوّة الله ومشيئته، فالحمد لله أنّ لي ربّاً وملجأ أخشاه وأتوجّه إليه. وأمام المرض الذي اعترض طريق معالي الأخ غازي القصيبي.. أسأل الله وأرجوه أن يمنّ عليه بالشفاء، وبمزيد من الصحة والعافية. إنها دعوة مخلصة لرجل كثيراً ما حرّك مشاعري بطبعه، وصلابته وقدرته أن يصل إلى هدفه بقوّة إرادته. فكتابه (حياة في الإدارة) سجل لبعض من تجاربه ومحاولاته، وفي هذا الكتاب يدرك القارئ الجهد والتخطيط، ويتعرّف من خلال ذلك على الطريق الذي اقتحمه، أو مهّد للمسير من عليه. فمعالم المحاولة بين التجربة، وتحقيق وسيلة النجاح لها تطلب منه جهداً في الإرادة، وغالباً ما تكون أهدافه منسجمة والمصلحة العامة. وأتذكّر هنا تجربة معه حين كان وزيراً للصحة؛ فلقد تقدّمت شركة أبحاث بمنتج لمصلٍ يمكن استخدامه للوقاية من التهاب الكبد الوبائي (ج)، ولقد اختارتني الشركة رئيساً لهذه الندوة التي كانت تخطِّط لعقدها، فذهبت إليه وكان وقتها يعمل بين وزارة الصحة ووزارة أخرى، وعرضت عليه أنّ مثل هذا المصل أو أيّ مصلٍ وقبل تسجيله أو استعماله يتطلّب الأمر دراسة جدواه. فنجاح أيّ مصلٍ في بلد معيّن لا يعني نفس النجاح لهذا المصل في بلد آخر؛ فما كان منه إلاّ أن لبّى الدعوة، وحضر الندوة وألقى خطاباً في محتواه ما يردع الشركة وغيرها من شبهة العبث، وإذا كان التسويق أمراً تجيزه الوزارة، فيتوجّب الأمر أن يكون على أصوله، ولقد تأخر تسجيل المصل واستعماله فترة من الوقت، حتى تمّت محاولة تجربته ودراسة تأثيره، وما يتبع ذلك من أعراض جانبية. فلكلِّ مصلٍ فترة بين جرعته الأولى وبدء فاعليته، يمكن أن يحدث معها ما يضرُّ بمن يتناول أيّ مصلٍ. وإذ أشير لهذا فالدافع تأكيد أمر كنت طرفاً فيه، ولا يمكن لي أو لغيري أن يُنكر عليه أنه يرسم لنفسه الهدف، ويملك الإرادة التي بها يصل وتحقيق ما خطّط له. وتلك صفة ليس المقصود منها الإشارة لما يميِّز هذا الرجل، بقدر ما يؤكد الطرح بأنه كان يُحمّل نفسه من الأعباء والمسؤوليات؛ يخطط لها، وتلك المهمّات هدفها مصلحة عامة ويباشرها حرصاً على أداء متميِّز وفق حدِّه الأقصى. وبصبر ميزته الرؤية الواضحة استطاع أن يصمد حتى شقّ طريقه إلى موقع آخر من العمل. وسيتعرّف القارئ لروايته (شقة الحرية) بعضاً من ملامح شخصيته والنزاعات في تكوينه، وفي ظني أنها تقود إلى النجاح وفق طبيعته البشرية. أدعو الله له بالشفاء ودوام الصحة والعافية؛ إنّ الله على كل شيء قدير.