Culture Magazine Thursday  25/03/2010 G Issue 303
أقواس
الخميس 09 ,ربيع الثاني 1431   العدد  303
 
سوداني في بيت ابن إدريس

تشرفت بجيرة أبي عبد العزيز: عبدالله بن إدريس الشخصية المكرمة في مهرجان الجنادرية لعام 1431هـ، وكنت استأجر ملحقاً من بيته الذي انتزع مع بقية البيوت لتوسعة طريق الفرزدق الحالي. ونعمت بجواره الطيب عامين كاملين والحمد لله، كان نعم الجار وتعلمت منه الكثير المثير. وتعرفنا بطبيعة الحال، إذ كنا نحن السودانيين وما زلنا نحرص على التعرف على الجيران ونحرص على زيارتهم والتودد إليهم ومشاركتهم في الفرح ومناسبات الأعياد وغيرها، وكنا نتفقدهم من حين لآخر مما أضحى يعد في هذا العصر ضرباً من ضروب «اللقافة الزايدة». ولتشابه البيئة النجدية بالبيئة في منطقة الجعليين في شندي في السودان فلم نكن نتردد في التعرف على أسرته النبيلة وكانت زوجتي تستصحب ابني ذي العامين آنذاك (البالغ من العمر ثلاثين عاماً الآن)، لزيارة زوجته أم عبدالعزيز - حفظها الله- ويقضيان وقتاً جميلاً وماتعاً، وكانت تسعد بزيارتهما لكونها تحب الأطفال ولا سيما أن أبناءها كانوا في المرحلة الجامعية آنذاك. وقد سعدت بهذا الجار الطيب وكان باختصار صادقاً في كل حياته، ولن أجد أجمل مما وصف به نفسه:

أنا ما حييت فشيمتي

تأبى التملق والخداع

هل مبدئي غير الصراحة والنزاهة في الطباع

أكثر ما أعجبني فيه - حفظه الله- حرصه على أداء الفريضة في المسجد مبكراً، وكنا بعد أداء صلاة الفجر في مسجد أم الأمير ثامر في الملز نمارس رياضة المشي مستمتعين بهدوء الطريق وعليل النسيم على طول شارع الجامعة حتى شارع الستين، وما أجمل الاستماع إليه مع نسمات الفجر الجميلة وهو يجول بك في حديث عفوي متنوع ورائع لا تود توقفه. كنا نتحدث عن نعمة العافية والقناعة والستر وعلمت زهده وورعه وخوفه من الحرام ومن سيرة الناس وحبه للحياة البسيطة والكلمة الطيبة وتواضعه وكنت مأخوذاً بالمفاجأة حين علمت أن من يسير معي ليس فقط مدير الثقافة والنشر العلمي بالجامعة، بل رئيس النادي الأدبي بالرياض، ورئيس تحرير مجلة الدعوة ومرشح لجائزة الدولة التقديرية في الأدب، وعضو فاعل في مؤسسات ثقافية وعلمية وأدبية وطنية وإقليمية وعالمية عديدة، وفائز بالعديد من الدروع والميداليات وناقد وشاعر فصيح أثار الجدل.

أذكر حبه للكلمة الطيبة مع جيراننا آنذاك؛ الشعيبي والفريق المعلمي وصالح خاطر والسرا، حفظ الله من عاش منهم ورحم من مات. تميز أبو عبد العزيز بابتسامة مطبوعة صادقة مهذبة ومحتشمة وهو ذكي ولماح وما أجمل تلميحاته وميله العذب نحو إشاعة روح المحبة والطرافة وكل ما يثير البهجة ويذهب الضجر.

تميزت أسرته الصغيرة بالأخلاق الحميدة والعلم والأدب والحفاظ على مكارم الأخلاق؛ زوجته الصالحة منيرة الدريس أم عبد العزيز وأبناؤه عبد العزيز وإدريس النابغة وسعد المهذب وسامي التقني وزياد العبقري الذي لا يشق له غبار في الحديث الجميل في المنتديات. أحلى الكلام: في تقدير زوجته أم عبد العزيز

حياتي بدونك حر وقر

وأنت على صدق ذا تشهدين

وينفض سامرنا موغلا

رحيلا إلى أكرم الأكرمين

تعلمت منه الكثير وكنا نتحدث كثيراً عن المدينة وما أورثته الناس من حياة الدعة والكسل وأكثر ما كان يميزه فكره النير وانفتاحه على كثير من الآراء التي لم أتصور أن شيخاً من جيله كان في صفاء ذهنه، لا أظنني أجانب الحقيقة إن زعمت أنه سبق عصره وكان قوي الإيمان بالوطن الكبير وقضايا أمته. نشاطه الصحفي حنكته ومقدرته بانت في عموده اليومي ولا تخفى صعوبة العمود اليومي وسأحاول التقاط بعض اللمحات من بعض المواضيع التي نشرت ضمن عموده اليومي:

«من الطفولة: شيء من ذكريات الطفولة

شاء الله جل وعلا أن تمر طفولتي سلسة توفرت فيها سبل الراحة في مجتمع ودود، وتلك السلاسة للتربية الحسنة وكانت تربية وسطية تمزج بين الحنان المعتدل والتعامل المرن والرفق الأبوي من غير دلال زائد عن حده».

«صححت للملك حسين

في استعراضي لمسيرة إدارة تحرير الدعوة سلوى وراحة أتكئ فيها سعيداً بذكرياتها العطرات، أتناول تصحيح بعض ما رسخ في أذهان الناس حول بعض الوقائع التاريخية الخاصة بقول إن العرب بقوا في فلسطين منذ ثلاثة عشر قرناً والصحيح أنهم هناك منذ خمسة آلاف عام مهديا تلك المعلومة لمؤتمر لجنة خبراء الإعلام العرب»،

«مواقف لا تنسى» و»حول السلام الملكي السعودي»

من بلادي منبع المجد التليد من شعاع النور من نفح الخلود

من ربى نجد ومن خفق البنود

ملكي ينمو إلى عز الجدود

رافع الرأس على هام الدنا يا مليكي أي مجد للبلاد

يتصباك كفاحا وجهادا ثقة الشعب بكم أقوى سناد

للنهوض الحر، في أسمى مراد

فارفع الرأس على هام الدنا

«عيد تكدره الأحزان» و»حمد الجاسر: ذكريات، ومواقف وآفاق معاناته مع اليمامة»

«إكرام بالإكراه»

فاروق مصطفى - الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة