لم يكتف شخصية العام بأن يكون مكرما؛ فشاء أن يكرم ضيوف الجنادرية وبعض الباحثين والإعلاميين؛ فاستضافهم في دارته الجميلة، وأدار معهم حواراً ثرياً حول الثقافة: شؤونا وشجونا، والشعر: حضوراً وغياباً، وأعماله الكاملة التي فاجأ بها الجنادريين في مجلد كبير ذي لون مشع، والمنتقى منها في مجلد صغير؛ ما مثل مادة خصبة للدارسين والمتلقين ومحبي الشعر الجميل.
وكان الزميل الدكتور إبراهيم التركي مدير التحرير قد قدم ندوة تكريم الشيخ عبدالله بن إدريس ضمن البرنامج الثقافي للمهرجان (وأدارها الدكتور عايض الردادي بمشاركة الزميل إدريس الدريس والدكاترة حسن الهويمل ومحمد الربيع ومسعد العطوي) بهذه الكلمات:
أسمي الله وأحمده وأفتتح بالذي هو خير
{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإنسان إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)}
في مساء الجمال تصفو المشاعر
وتصوغ القصيد لحناً لشاعر
ونرى الشيخ والفتى في تلاق
ليطالا بالوعي أعلى المنابر
طبعكم أن تفوا وليس جديداً
أن نبت الصحراء يؤتي المآثر
اليوم نعود إلى الجنادرية أو تعود إلينا محملة بمؤشرات ومبشرات؛ فقد دخل هذا المهرجان العربي التاريخ الثقافي حين أذن للنخبويين أن يتساجلوا وللشعبويين أن يتسامروا، ووُثِّقت في صفحاته حكايات وحوارات، وتداخلات ومداخلات، وشموع وانطفاءات؛ فخبا زمنا لعله مضى وانقضى، وظنُّنا كما حلمنا أنه مؤذن بإشراق وصعود.
شكراً للجنادريين أن أضفوا وأضافوا واستضافوا، وتحية لكم في مستهل برنامج المهرجان، وهل أجمل من أن نَذْكر ونُذكِّر بعلم أمضى أيام عمره منتديا ومسؤولا عن المنتدين، ومبدعاً ومحتفياً بالمبدعين، وكاتباً ورئيساً للكتبة، ومديراً وقدوة للمدارين.
ليس في دور صاحبكم التنسيقي سوى هذه الكلمات؛ فقد كفتني محبة الشيخ عناء الممانعة، ولجان المهرجان جهد المتابعة، وجئت كما تجيئون؛ فالإعداد مبكر والاستعداد مبشر، والجميع في عرس هم ضيوفه والمضيفون.
لشيخنا الجليل أبي عبدالعزيز أستميح الشعر والشاعر لاحميمية المشاعر وأقول:
في لقاء الوفاء تحلو الأماسي
ومعاني التكريم تزهو بناسي
نرقب الفجر حين يدركنا الليل
فنرنو ولا نروم النواسي
ليلة الأمس صاغت الحب لحناً
وبهذي، الميدانُ للأقواس
ها هنا شاعر تصدى لشعر
مترام فلم يهب أن يقاسي
نصف قرن مضى وما زال سفر
مورد الباحثين والجلاس
كان بكراً وقد تلته طروس
ببديع من الرؤى والآسِ
فعرفنا «الإبحار من دون ماءٍ»
و»رحلنا» ولم نجد من يواسي
«وعزفنا» نثراً وشعراً بديعاً
ودعونا من صادق الإحساس
رب أنعمت بالكثير علينا
فأطل عمر شيخنا ابن ادريس
لم يبق إلا أن ينتقل المنبر إلى الباحثين الأفاضل يقدمهم مدير هذه الأمسية وهو إعلامي وإداري وباحث قدير، كان لصاحبكم شرف العمل معه زمنا جميلا
حين تعاون مع الإذاعة خمسة عشر عاماً، وأكرمه؛ إذ اختصه بين زملائه الجدد بالمشاركة في تقديم برنامجه الوضيء (دوحة الأدب) برفقة الراحلين المرحومين عوني كنانة وزكريا شمس الدين؛ فلله زمنٌ عشناه رغداً وسهداً.
شكراً لسعادة الدكتور عايض الردادي، وإلى الندوة؛ فأبو حسنٍ لها.