قال الناقد الدكتور سعد البازعي إن إقرار لائحة الأندية الأدبية إنجاز كبير، فنحن كنا طوال الفترة الماضية ننتظر صدور هذه اللائحة.. وكانت هناك شكوك حول إمكانية صدورها أصلاً، وكانت مفاجأة جميلة أن أُقرت اللائحة، وأنا أرى أن هذا هو الذي ينبغي أن يكون، وهذا يشير إلى وعي المسؤولين وإدراكهم أن الأدباء والمثقفين والمؤسسات التي ينتمون إليها وتخدمهم ويخدمونها قد وصلوا إلى مرحلة من النضج والعطاء، يجعل مثل هذا الإجراء والتطوير - كالسماح للمرأة - بالدخول إلى مجالس إدارات الأندية مستحقاً وإنجازاً كبيراً في مشهدنا الثقافي، لكن ما أتمناه مستقبلاً هو التطبيق السريع والسهل والخالي من المشاكل، لأن مثل هذه التجارب لا تخلو من التحديات والصعوبات.. ومع ذلك فنحن نخطو خطوة أولى نحو مؤسسات أكثر فعالية.
وحول إقرار آلية انتخاب أعضاء مجالس إدارات الأندية يضيف البازعي: الانتخابات كأي انتخابات تحمل صعوبات وتحديات خاصة بها كما حدث في المجالس البلدية، لكنني أعتقد أنه لا بد من المرور بهذه المرحلة على الرغم مما يكتنفها من مخاوف لدى البعض، لكنها في النهاية خطوة ينبغي أن تُتخذ حتى لو شابتها صعوبات واكتنف تحقيقها بعض المشكلات، ومن هذا المنطلق ينبغي أن نكون واقعيين في استشرافنا للمستقبل بحيث لا نُصدم لاحقاً نتيجة الاعتقاد بأن وجود انتخابات ودخول المرأة بحد ذاته كافٍ لإيجاد مشهد ثقافي كبير، فكل مرحلة لها مشكلاتها الخاصة بها، وفي نهاية الأمر.. فالمرء يتلمس المستقبل الذي يعد بالمزيد من الإنجاز. معتقداً أن إقرار مبدأ الانتخابات والسماح للمبدعات بدخول مجالس الأندية من حيث المبدأ بحد ذاته أمر رائع، ولكن ربما يكون الإشكال في التطبيق وستكون هناك صعوبات في أي إجراء من هذا النوع، فالدول المتقدمة ديموقراطياً تجد صعوبة في الاستفادة من نظام الانتخابات، وعلى سبيل المثال في إحدى الدول الأوروبية لم يصوّت أكثر من 30 بالمائة من الناخبين، فاعتُبر هذا فشلاً للنظام السياسي في ذلك البلد، بمعنى أن 70 بالمائة من الشعب غير راضٍ عن الوضع وعن المرشحين أصلاً، وقد يحدث هذا عندنا فنحن مقدمون على مرحلة جديدة ينبغي أن نستقبلها بواقعية وإحساس بالمسؤولية والاستعداد لتقديم التنازلات في حالة الحاجة إلى ذلك طالما أن مستوى العطاء الثقافي هو الهدف وليس المجد الشخصي.
ويواصل البازعي حديثة قائلاً: نظرتي للانتخابات ما زالت مشوبة بحذر، لأن هذه تجربة جديدة علينا بشكل عام، ففي الغرف التجارية واجهت الانتخابات مشكلة كما هو معروف وكان هناك تحديات، على الرغم من السماح للمرأة.. مثلاً: لم تُنتخب أي امرأة في الكثير من مجالس الإدارة.. فمجرد السماح لا يعني تحقيق التطلعات، وفتح الباب للمرشحين قد يؤدي إلى وجود أشخاص لا ينجحون في مهمتهم، فالانتخابات تتيح الفرصة لكل من لديه تأهيل أساس.. أو حسب ما جاء في اللائحة، كديوان شعري أو كتاب نقدي أو حقق مستوى تعليمياً معيناً، لكن هل هؤلاء الأشخاص الذين سيأتون إلى مجالس إدارات الأندية هم الذين سيرتفعون بالعطاء الثقافي؟.. هذا الذي يجب أن نتركه للمستقبل. آمل ألا نبالغ في توقعاتنا، التفاؤل الحذر هو الذي أدعو إليه.
- فيما تحدث عن ذات الموضوع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد العوين قائلاً: يمثل إصدار اللائحة الأساسية للأندية الأدبية بتفاصيلها الدقيقة المحكمة نقلة نوعية في ترتيب أوضاع الأندية الأدبية والخروج بها من دوامة الحيرة والاضطراب وسوء التنظيم التي عاشتها خلال السنوات الأربع المنصرمة.
وحول أوضاع الأندية الأدبية يقول العوين: لقد عايشنا كيف كانت الفوضى الإدارية والعملية ضاربة أطنابها في الأندية خلال الفترات الماضية، من تعيين متسرع لرؤساء وأعضاء وفق الهوى والمناطقية والشللية، ومن إبعاد وتقريب، وتحييد لخبرات قديمة وإحلال لوجوه جديدة ليس لها إنتاج ولا تاريخ.. بحيث أصيبت الساحة الثقافية بما يشبه الصدمات المتوالية.. وانصرف كثيرون من المعنيين بالحركة الثقافية عن الإسهام مع كثير من الإدارات الجديدة، ليرقبوا ماذا ستنتهي إليه الأمور بعد تثبيت قانون التعيين من قبل الوزارة ورفض مبدأ الانتخاب، وكما يقول المناطقة ما بُني على خطأ ينتهي بخطأ أكبر.. فقد تعثر العمل في كثير من الأندية.. أو ضعف وتوالت الاستقالات لا من الرؤساء.. بل حتى من الأعضاء، حتى أصبحت الأندية القضية المؤرقة لوكالة الوزارة للشؤون الثقافية وشغلها الشاغل، واليوم يعيد معالي الوزير الأمور إلى نصابها الصحيح.
ويشير العوين في نهاية الحديث إلى بعض الملاحظات التي خرج بها بعد قراءة لائحة الأندية الأدبية الجديدة قائلاً:
- ما زال الأمر محيراً كما كان في الماضي.. هل الأندية الأدبية تابعة للوزارة ضمن مرافقها وتشرف عليها إشرافاً تاماً.. أم أنها إحدى مؤسسات المجتمع المدني؟
- ألحظ شيئاً من الشح في الإنفاق على العمل الثقافي.. وينطبق هذا على مكافآت الرئيس ونائبه والأعضاء، وعلى مكافآت الجلسات والمحكّمين والمنتدين والمؤلفين.
- لا يبدو واضحاً كيف تكتسب العضوية العمومية العاملة.. فلم تحدد اللائحة الأسلوب الذي يحسن أن يتبع للحصول على هذه العضوية التي تتيح الترشيح والانتخاب.
- أغفل في اللائحة ذكر تصنيف الأندية حسب المدن، فهل تتساوى جميع الأندية في ميزانياتها وفي حجم مقراتها الموعودة وفي مستوى برامجها وما تنفذه من مشروعات عمل؟
ما مسؤولية الوزارة في تطوير هذه الأندية والارتقاء بمستواها من حيث المباني المتهالكة أو المستأجرة التي لا تتفق وسمعة الأندية والوزارة بميزانيات مالية تتناسب وحجم هذا المطالب؟
لم تشر هذه اللائحة إلى بدء التطبيق الفعلي لما تُوصي به.. حيث يبدأ التغيير فوراً في مجالس العموم ومجالس إدارات الأندية.