تحت الضوء نرى الأشياء من حولنا بوضوح وندرك ملامحها بشكل أجمل وعندما يشتد الضوء تتلاشى تلك الملامح شيئاً فشيئاً فلا نرى سوى هالة مضيئة دون إلمام بما نرى، وقد نزيح أبصارنا عنها لأنها سببت ضوضاء بصرية لنا. وهذا حال بعض الفنانين الذين أحرقهم الضوء فاعتيادنا على ظهورهم وتواجدهم جعلهم يفقدون بريقهم وتوهجهم فيما كنا ننتظر إطلالتهم محملين بآخر ما صاغته أنامل إبداعهم. وعلى الضفة الأخرى هناك من اختاروا الهروب من الضوء رغم أنهم في صدارة من نحتفي بهم وننتظر حضور إنتاجهم الفني، إلا أنهم وجدوا في ذلك الهروب ضالتهم فتأتي أعمالهم كموسم المطر مفعمة بروح التفاني والتقدير لفنهم الراقي؛ إذ رغم سنوات عطائهم التي مرت وعبرت بنا وبهم إلا أنهم لم يسجلوا حضوراً بمعارض شخصية تحتضن تجربتهم التي تستحق التوثيق والإشادة، وجديرة بأن تنال شيئاً من وقتنا للاحتفاء بها وبهم؛ فهم يعللون هروبهم من الضوء بأنهم لم يقدموا ما يستحق التفرد بمعرض إيماناً منهم بأن التجربة الشخصية لها احترامها وأن الإقدام على اتخاذها ليس بالأمر السهل ويحتاج لتروي وتمهل بتقديم ما يستحق العرض ومنهم من يرى بأن المشاركة في المعارض والمسابقات التشكيلية لم تعد تقدم إضافة للمشاركين بها لضعف التنظيم والمستوى ومرورها بحالة الجمود.
لكم أيها المبدعون المتوهجون رغم غيابكم مساحة لا يضيئها سوى احترامكم لإبداعكم فنحن وإن كنا حديثي عهد بتلك الساحة إلا أن دروب الإبداع لا تضاء إلا بعطاء عابريها، فمازالت رحلتنا في بدايتها ونحتاج تواجد تجارب جادة نستقي منها خبرة ورؤية فنية متميزة، فالفنان الناجح روافده متجددة مهما كانت الظروف التي يعبر بها وتواصله مع من سبقه ومن أتى بعده إضافة لقيمته.
الرياض