يا صاحبي..
لا تكتب الكلماتِ، تنظِمُها وتظلِمُها
لتقتلَني على المرآةِ
خبِّئْ بعضَها بين الخطوط، على يديَّ
الآنَ حَفْراً
دونه الرسمُ الذي أهدى إليَّ الصمتَ
فاعترضَ الكلامُ
الآنَ قل لي:
كيف تفهمنا المسافاتُ الطويلةُ، طالما
لم نختبرْ رغباتنا..؟!
عفواً مشينا،
ثم في عفوٍ نعودُ،
فكم ستقبلنا المداخلُ، كم ستمنعنا السدودُ
إليكَ بي..
إن كنتَ حقاً صاحبي..
فأنا كأمطار الخريفِ، تشدّني النيرانُ
يعجبني اصفرارُ مهشّماتِ البوحِ
والأحزانُ تعجبني
وتعرفني..
وأعرفُ أنّ لي
في كلّ مرتكنٍ قصيٍّ بعضَ ذكرى من شَجَرْ
أنا لستُ من قطرات غيمٍ يُعتصرْ
ولستُ من قرّاء سطرٍ يُختصرْ
ولستُ من جلساء حيٍّ يُحتضرْ
فأنا الوحيدُ
(هي الحياةُ الآنَ أمّي، والزمانُ أبي)
صرختُ:
فكنتُ كابن الموت، وحدي..
(لستُ ممن لا يجيدون الحياةَ بلا حياةٍ)
كنتُ وحدي..
(كان لي رقمٌ، ولي صوتٌ ودمْ)
وهماً سعيتُ إلى الألمْ
حتماً سيطلبني الندمْ
حُلماً رأيتُ خسارتي، فعشقتها
أنا عاشقُ الخسران في كلّ امتحانٍ
كي أجدِّدَ بالرهان قناعتي
وبراعتي
في لعبة الأسبابِ؛ يُطلعني النزولُ
إلى بزوغٍ في الأفولْ
هو ذا اشتهاءٌ لانتهاءٍ في بدايته يطولْ
هو
ذا
انتهاءٌ
لاشتهاءٍ
لا يُقالُ، ولا يقولُ، ولا يَزالُ، ولن يزولْ.
فلأيّ دنيا سوف تحملني الدُّنى
يا صاحبي؟
ولأيّ جرحٍ سوف تدفعني الجراحُ
أصاحبي أنتَ؟!
انتقم لي..
لعبةُ الأسبابِ ألقتْ بي إلى الأسبابِ
تلعبُ بي..
وبصاحباتِ الموج تحتَ مراكبي
يا صاحبي
أنا لم أكن أصطادُ في برٍّ ولا بحرٍ
فَلِمَ الهوى يصطادني؟
شدَّ الهواءُ يدي فطرتُ
وطار بي
طرنا معاً يا صاحبي
حتى سقوط الهمزة الصمّاءِ ساكنةً،
ففاجأنا الهوى - (بل كان صائدنا معاً)..!
أعمارنا نضجَتْ، وهذا الملحُ من دمنا ارتوى
فاسمع معي:
(ارفع عن المرآةِ كلَّ أصابعِكْ)
- من قال هذا؟
- ليس غيريَ من يقول بمثل ذلك، حين كنتُ بموضعِكْ
هل سوف تقبلُ أن تكون بموضعي؟
- الآنَ؟
- (طبعاً)!
- قد قبلتُ، وكم قبلتُ..
- إذاً فلستَ بصاحبي، أبداً، ولستُ بصاحبكْ!
***
(لعبة الأسباب): مشروعُ قصيدةٍ طويلة، ستبدأ بهذا المقطع
(عنوانه: صاحبي) وتتضمن (بين الأقواس) عباراتٍ من قصائدَ سابقة.
ffnff69@hotmail.com