استمرار الجدل العقيم حول (الحداثة) دليل على أننا نحب الخلاف!. وسواء كان خلافنا ثقافياً أو فنياً فإن (حرّاس التقاليد) الكلاسيكيين والممعنين في التقليدية والمحافظة (على المستوى العلني أما ما هو غيره فنستعيذ بالله منه ونتمنى أن يغفر جلّ وعلا لمن ينحدر لمستوى لا يناسب أقواله!).
إن كلمة (حداثة) كلمة ملتبسة لأن الغير موهوبين يمتطونها كذريعة لنشر أعمال تعود بك إلى الوراء أو تصيبك بمرض كراهية الكتابة، وكراهية القراءة. وهو جدل عقيم لأن مؤيدي الحراس الكلاسيكيين كثيرون، ومؤيدو ما يسمّى بالحداثة كثيرون. وهنا لا أريد أن أثير موضوعاً ميتاً كهذا. ولكنني سأركز على تقبل الجماهير للنقاش حول كون الحداثيون كفرة، وأقولها بالحرف ودون وجل لأنني أسمع خطبة الجمعة وفي آخرها اللعنات المصبوبة على الشيوعيين وأعداء الدين والحداثيين (اللهم ردّ كيدهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم). وهؤلاء الأئمة يسيؤون لروح الإسلام من حيث هو رسالة محبة وتواصل كما قال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} الحجرات 13، ولام التعليل متبوعة برغبة الله في أن يخلق الجميع علاقات إنسانية بغض النظر عن دياناتهم وأعراقهم وتراثهم المختلف.
إذن سنتحدث عن مجتمع تشعر حيناً أنه مصاب بعدم اليقظة والانتباه وراضخ لمقولات جرى دمجها من القول الكريم ومن إملاءات العادات والتقاليد وهو أمر لا بدّ من وجود ما ينسفه من أساسه لتنمو سبل الحوار. ولأنه يضع الله تنزه عنهم موضع البشر الذين يسنّون مواد العرف العام ولا يجتمعون على رأي واحد لشعورهم أن دعم الذين يدعو عليهم خطيب الجمعة هو شعور سلبي عليهم الخلاص منه. عندما نتحدث عن الظواهر ينبغي أن نكون ملمّين بما يفرزها ومن يتداولها كأنما هي قدَر لا مفرّ منه. إن قليلاً من التبصر في سوسيولوجية المجتمع يكفي لنسف كثير من الحوارات المليئة بالتناقض والمتدنية.
حائل