لقد غمرتني السعادة والفرحة حينما كاتبني الدكتور إبراهيم التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية بصحيفة الجزيرة؛ للمشاركة في الكتابة عن أستاذي الجليل الدكتور/ محمد بن عبدالرحمن الربيّع - حفظه الله - ووافق ذلك رغبة ملحة في نفسي؛ إذ إن ذلك الأستاذ القدير هو الذي أشرف على رسالتي في الدكتوراه التي حصلت عليها من قسم اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1414هـ، وقد حظيت من فضيلته طوال فترة الإشراف، التي استغرقت قرابة سبع سنوات، بكل محبة وعطف أبوي، وغمرني بلطفه وتواضعه الجمّ، وأفادني فوائد منهجية كثيرة فيما يتصل بكتابة البحث العلمي وجمع مادته العلمية وتبويبها وفهرستها وتوثيقها. ومما يُحمد لفضيلته أنه فتح لي المجال أثناء كتابة الرسالة بمراجعته والاتصال به في أي وقت من ليل أو نهار على الرغم من ازدحام وقته الثمين بالاجتماعات والعمل في اللجان العلمية، وكان حينها عميداً للبحث العلمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فوالله ما رأيته يتذمر من مراجعتي ولا اتصالاتي الهاتفية، وإنما كان يعاملني بابتسامة آسرة وبشاشة وطلاقة وجه تتراءى لي على ملامحه الطيبة في كل زيارة، بل إنني وجدت من فضيلته الدعم المعنوي والتشجيع لإكمال مسيرة البحث وإنجاز الرسالة في الوقت المحدد بتوجيهاته السديدة وعاطفته الأبوية، وذلك عندما شعر بأنني في وقت من أوقات العمل في الرسالة أصابني نوع من الإحباط واليأس نظراً إلى سعة مادة البحث وتشعب أطرافه؛ فهممت بالنكوص والتخاذل؛ فما كان منه - حفظه الله - إلا أن فتح باب الأمل والتفاؤل أمام ناظري بتوجيهاته وأبوّته الغامرة، فجزاه الله عني خير الجزاء، وجعل ذلك في موازين حسناته، وأدام عليه نعمة الصحة والسعادة.
وأختم مشاركتي هذه الموجزة عن الشيخ بالقول إنه يمثل مدرسة تربوية رائدة في الجَلَد والصبر على البحث العلمي وإلقاء المحاضرات وتأليف الكتب القيّمة والمشاركة في كثير من اللجان العلمية داخل المملكة وخارجها، ومن ذلك عضويته في مجمع اللغة العربية في القاهرة ومكتبة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ودارة الملك عبدالعزيز بالرياض وجائزة الملك فيصل العالمية والمجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وغير ذلك من اللجان العلمية المتعددة، زاده الله توفيقاً ونفعنا بعلمه وأدبه. ولعل من المناسب في هذا المقام أن أشيد بكتابه القيم في تحقيق ديوان الشاعر أبي الحسن التهامي، ودراسته المؤصلة لحياته وأدبه، كما أنه إذا تحدث أشبع الموضوع الذي يتحدث فيه من جميع جوانبه، وأذكر في ذلك أنه ألقى محاضرة علمية عن قضايا العالم الإسلامي في شعر الشاعر المغربي علال الفاسي في نادي أبها الأدبي بتاريخ 17-6-1412هـ، وتشرفت بتقديم فضيلته وإدارة المحاضرة، وحييته بأبيات شعرية قلت فيها:
أبها تحييك يا ابن السادة النجب
في معقل الشعر والأخلاق والأدب
قم ثن بالضيف ترحيباً فذا أربي
شيخي الربيع عالي الشأن في الرتب
ما قعقع الرعد تزجى الريح صيبه
وما همى الغيث وسمياً من السحب
نسيمها في طباق الأرض منتشر
وطيب لذتها تسمو على الأرب
واقرأ عل الحفل عطراً من محاضرة
وشنف الأذن من مختارك العذب
في ليلة من جميل أقول تسمعنا
شعراً ونثراً بما توفيه من كتب
إذا مدحتك لم أكذب عليك به
فالفضل منك غدا كالأنجم الشهب
فأنت شيخي لمست المجد تعشقه
وواجب أن أوفيك حق العلم والأدب
* المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة عسير