يتميز الإنسان الفاعل بالاستمرارية والتنوع في العطاء والصدق في الرأي، وهذا ما يميز الأخ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع، حيث تجد اسهاماته تترجم ذلك بكل وضوح سواء من خلال مشاركاته المتعددة ومن خلال علاقاته مع من حوله، فالدكتور الربيع محور خبرة خاصة تلتقي فيها جهود وإسهامات ومواقف وعطاءات بلا حدود، فلقد أسهم ولا يزال في العديد من المجالات العلمية والأدبية والثقافية، ولا تكاد تجد مؤسسة ثقافية وعلمية إلا وله مشاركة ذات أهمية فيها.
عرفته منذ أن كان مدرسا بالمعهد العلمي في الرياض وكنت أحد طلابه، ورأيت فيه الأستاذ المخلص والحريص على إيصال المعرفة في اللغة العربية والأدب للطلاب، كما لاحظت وزملائي الطلاب شخصية الأستاذ الربيع في الفصل التي كانت ممزوجة بالجد والروح المرحة المنضبطة، كان يأتي إلى الفصل وهو في كامل استعداده من حيث التحضير والمعلومات، وكان يجتذب الطلاب بأسلوبه الرائع في إيصال المعرفة إلى أذهانهم، وفي إثارته للأسئلة المناسبة التي ترسخ لديهم فهم المادة وموضوعاتها.
شهد البحث العلمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على يديه تأسيس عمادة البحث العلمي وتكوين مشروعات علمية متعددة، وأصبح صديقاً وزميلاً لقطاع عريض من أساتذة الجامعة آنذاك، وواصل الدكتور الربيع إسهاماته من خلال وكالة الجامعة للبحث العلمي ثم بمشاركاته المختلفة في عدد من المسؤوليات الإدارية بالجامعة. كما أسهم في تطوير الجامعة مع مسؤوليها من خلال مشاركاته وأفكاره وحرصه على خدمة هذا الصرح العلمي الذي تعلم وعلم فيه.
له مشاركات كثيرة ومتعددة في عضوية لجان وهيئات علمية لدى مؤسسات علمية وثقافية نتيجة لخبرته وقدرته العلمية والتنظيمية. عرف يتميز تلك المشاركات من خلال منهجيته حيث يحضر إليها وهو مستعد من حيث قراءة جدول الأعمال واعداد الرأي بشأن الموضوعات المدرجة فيه وعندما يتحدث بملاحظاته فإنه يتخذ مساراً مميزاً في عرضه، فهو يبدأ بعرض فهمه أولاً لما هو مدون ثم يعرج على ما هو متوفر من جهود ترتبط بالموضوع ويختم برايه مع التدليل على ما رآه من واقع خبرته الواسعة واطلاعه العميق. هذه المنهجية في مشاركاته الموفقة في اللجان والهيئات العلمية دليل على قدرته العلمية وشخصيته المميزة. ومن سمات شخصيته أيضاً أنه يعد مصدراً للخبرة لدى الكثير من أحبائه وأصدقائه الذين يلجأون إليه لمعرفة معلومة معينة أو لسؤاله عن أشخاص مناسبين لأعمال علمية. لذا تجد الدكتور الربيع محور خبرة للجميع دون استثناء ولا يبخل على الإطلاق بأي معلومة تطلب منه.
لا يذكر الدكتور الربيع إلا ويذكر عنصر المبادرة والإبداع، فهو دائماً متجدد بأفكاره واقتراحاته التي يبادر بتقديمها للجهات العلمية ويعمل معها على تنفيذها دعماً ومساندة بالرأي، ليس في تفكيره مواقف ضيقة أو مساندة محدودة أو مقصورة على البعض، وليس في قاموسه مفردات بغيضة حتى ضد من يواجهونه بالنقد أو سوء الفهم. وتتسم شخصيته بالصراحة المنضبطة التي لا تؤذي ولكنها تحقق الهدف من حيث تصحيح وضع أو إبداء رأي علمي في موضوع معين.
ومما يميز شخصيته أيضاً مشاركاته العلمية في الندوات والمحاضرات التي تلفت النظر من حيث حسن الإعداد والسيطرة على الموضوع والفائدة التي يجنيها من يستمع إلى عرضه لأبرز مضامين ما كتبه في تلك المشاركة لذا يلاحظ عليه الاهتمام بأي مشاركة يوافق عليها في أي منتدى علمي ويقوم بجمع المادة وسؤال أهل الخبرة قبل أن يصوغ مادة محاضرته ومن سمات مشاركاته اختياره الجيد لموضوعاته بحيث تكون جديدة وغير مطروقة وبها فائدة للحضور.
ومن الزوايا التي تضيء شخصية الدكتور الربيع كونه مصدراً للمساندة للآخرين بالكتب والمراجع نظراً لأنه يحتفظ بمكتبة جيدة ومهمة لذا تجده دائماً يزودك بكتاب أو أكثر يرى أنها تهمك حسب الاختصاص دون طلب أو استفسار.. وهذا يدل على أنه يمتد بعطائه للآخرين ويفكر بنفسه فيما يفيدهم ويعمل على تعزيز ذلك من خلال هذه المواقف الرائعة والأصيلة.
هذا شيء من كثير عن شخصية الأخ الدكتور محمد الربيع، وهذا شيء من أشياء عن إسهاماته وأساليبه التي تحتاج إلى مساحة أوسع، إلا أنه من الضروري القول بأن هذا العطاء المتجدد مستمر ويستحق المزيد من الاهتمام لاستثماره بما يفيد هذه البلاد. فالدكتور الربيع محور خبرة متواصلة يتمتع بوطنية مخلصة وصدق حقيقي لا حدود له. وفقه الله ومتعه بالصحة والعافية.
* أمين عام دارة الملك عبدالعزيز