الأستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع متعدد المواهب، فعندما أكتب عنه تتسابق إلي مواهبه وأعماله وإنجازاته وهي كثيرة وجديرة بالوقوف عندها والكتابة عنها مثل:
- ابن ربيع المتفوق في دراسته
- ابن ربيع القارئ النهم
- ابن ربيع الأديب
- ابن ربيع العالم
- ابن ربيع المؤلف
- ابن ربيع الأستاذ في قسم الأدب
- ابن ربيع عميد البحث العلمي
- ابن ربيع وكيل الجامعة
- ابن ربيع رئيس المجلس العلمي في الجامعة
- ابن ربيع رئيس النادي الأدبي في الرياض
- ابن ربيع الماهر في إدارة المؤتمرات
فعندما أتحدث عن تفوقه الدراسي فإن شهاداته تشهد بذلك التفوق فقد درس في المعهد العلمي في الرياض متفوقاً على أقرانه، فترتيبه الأول لا يتأخر عنه، وقد حافظ على تفوقه في دراسته في كلية اللغة العربية بالرياض، وفي دراسته الماجستير والدكتوراه بجامعة الأزهر.
ومع تفوقه الدراسي فهو قارئ نهم، فعندما يفرغ من دروسه يتجه إلى المكتبة السعودية في دخنة، أما في العطلات فهو يقيم في المكتبة السعودية في دخنة حتى إنه يعرف أماكن الكتب أكثر من معرفة العاملين فيها، وقد قرأ جل الكتب الموجودة في المكتبة بالإضافة إلى اطلاعه على الكتب التي تعرض في مكتبات البطحاء ومكتبات الديرة وشرائه ما يفد إلى الرياض من الكتب التي تجلب من مصر ولبنان وسوريا والعراق، وأقول إن المكتبات قليلة في ذلك الزمن فالدكتور محمد خبير بكل صغيرة وكبيرة في مكتبات الرياض، مكتبات البيع ومكتبات القراءة، وقراءته تلك كونت له قاعدة صلبة في العلوم الدينية والعربية والعلوم الاجتماعية حتى إنه لا يسأل عن مسألة فقهية أو إعرابية إلا ويجيب عنها إجابة شافية، أما معرفة الرجال، من رجال الحديث والتاريخ والأدب فقراءته أتاحت له التحصيل الذي خدمه في سني عمره فثمرة القراءة وجد نتيجتها عندما احتاج إليها في أعماله المتعددة.
والحديث عن ابن ربيع الأديب امتداد للحديث عن قراءة الدكتور الربيع، فقد قرأ دواوين الشعر القديمة والحديثة، وقرأ كتب الدراسات لزكي مبارك والعقاد وطه حسين وشوقي ضيف كما قرأ مقالات الرافعي والزيات وطه حسين، هذه القراءات هيأت له الاطلاع الأدبي فطبعته بطابع الأدب الراقي، مما أتاح له الانطباع بأسلوب خاص انفرد به في كتابته ومؤلفاته، فعندما نقرأ اليوم للدكتور الربيع لا نجد أسلوب العقاد ولا نجد أسلوب الرافعي ولا نجد أسلوب طه حسين وإنما نجد أسلوب الدكتور محمد الربيع الموصوف باختيار المفردة ووزن العبارة ونسق الأسلوب المتكافئ فالبناء تام والخلل غير موجود، ورصف العبارة ينبئ عن طبع والمهارة اللغوية تنبئ عن كاتب متمكن من اللغة التي يكتب بها.
وإذا تجاوزنا الأدب إلى آفاق العلم المختلفة فإن الدكتور الربيع قد نهل من مناهله، فلديه دراية بالفقه اكتسبها من دراسته وقراءته الحرة، ولا نستغرب ذلك فجل خريجي جامعة الإمام يعدون أنفسهم من المتخصصين في العلوم الدينية والدكتور الربيع من أبرزهم فهو مطلع على كتاب الله وتفسيره وعلى علم الكلام وأقوال الفلاسفة، وهو محيط بما تحويه كتب الصحاح والمسانيد وإحاطته بالعلوم المختلفة تبرز في أحاديثه وكتابته، فإذا تحدث تحدث عن علم، وإذا كتب قيد كتابته بما يسندها من البراهين والأدلة.
ومؤلفات الدكتور الربيع كثيرة ومتنوعة وإن كان الأدب يغلب عليها، والنقد له نصيب وافر فيها، نلحظ ذلك في كتبه: ابن طباطبا الناقد و(أبو الحسن علي بن محمد التهامي حياته وشعره)، ونجديات الأبيوردي والاتجاه الإسلامي في شعر محمد العيد الخليفة. والدكتور الربيع من المحققين الجادين يدل على ذلك تحقيقه ديوان أبي الحسن علي بن محمد التهامي، بالإضافة إلى أن الاهتمام بالتحقيق برز في بحوثه المختلفة مثل بحثه (التعاون والتنسيق بين الجامعات السعودية في ميدان المخطوطات) ويمتد تأليف الدكتور الربيع إلى الكتب المدرسية فكتابه: (الأدب العربي وتاريخه) المقرر على المعاهد العلمية أفاد الطلاب لسنوات طويلة.
والدكتور الربيع أستاذ في قسم الأدب في كلية اللغة العربية بالرياض، فمحاضراته في الكلية وفي الدراسات العليا أفادت الطلاب وفتحت لهم أبواب التقدم، وطلابه يشهدون له بطول الباع في المعرفة وبإيصال المعلومة مع الأمانة العلمية والحرص على التوثيق، وإذا اطلعنا على الرسائل التي أشرف عليها وجدنا فيها المنهج المتعارف عليه في الدراسة والتحقيق والعلم الموثق، ومؤلفو تلك الرسائل يعترفون برقي تعامل المشرف معهم أثناء كتابة الرسالة، أما مهارة الدكتور الربيع في مناقشة الرسائل فهي معروفة لمن استمع إلى مناقشاته وأنا واحد منهم.
وقد شغل الربيع أعمالاً تجمع بين العلم والإدارة، فقد شغل عمادة البحث العلمي فأرسى قواعدها وخطط للبحث العلمي في جامعة الإمام محمد بن سعود، وأشرف على المجلة، فخطا البحث في الجامعة خطوات غير مسبوقة، وشغل بعد ذلك وكالة الجامعة مع ما تشتمل عليه من أعمال متشعبة فخدم الدراسات العليا ومؤتمرات الجامعة، ووكالة الجامعة عمل أكاديمي ولكن الإدارة تلتف على من يجلس في هذا الكرسي ولكن الدكتور الربيع أعطى الإدارة حقها مع أدائه الجانب الأكاديمي بما فيه من تحمل المحاضرات لطلاب الدراسات العليا، ويرأس الربيع المجلس العلمي بالإضافة إلى وكالة الجامعة، والمجلس العلمي أعماله كثيرة من النظر في المناهج والترقيات وغيرها فأعماله تتطلب الفحص والتدقيق والأناة، ففي كل أسبوع يتطلب منه العمل النظر في ملف يحوي الكثير من الصفحات مع إبداء الرأي الأخير في كل قضية وهي قضايا تتعلق بمصائر طلاب أو أساتذة أو كتاب يقرأ على مدى الزمن، فالمجلس العلمي هو ضمير الجامعة وجوهرها.
وإذا خرجنا من الجامعة إلى النادي الأدبي في الرياض فإن الدكتور الربيع رأس النادي الأدبي لسنوات أثبت فيها حق الجميع في النادي الأدبي، فمع أنه معدود من المحافظين، ومن المنتسبين إلى جامعة الإمام إلا أنه أقر بحق الجميع في النادي، فجمع النادي بين الأصالة والمعاصرة حتى إنه جعل باب النادي مشرعاً أمام كل راغب في الأدب من قديم وحداثي مع إرضاء الجميع، فتكريم الرواد دلالة على الأعمال الجليلة للنادي، ومن جانب آخر: في التكريم دلالة على رضاء المكرمين فلم يعتبوا على فتح النادي للناشئين من كتاب القصة والرواية والقصيدة الحديثة.
ولا ننسى مهارة الدكتور الربيع في إدارة المؤتمرات فقد شارك في الكثير منها وأدار الكثير وخطط للكثير، فهو الخبير بدقائقها وبأوجه النشاط فيها وتلافي مداخل العتب والدقة في صوغ النتائج التي تتمخض عنها المؤتمرات.
وبعد: فما قلته القليل عن شخصية الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع وما لم أتمكن من قوله الكثير.