ربما كانت العلامة المميزة لمسيرته اكتفاءه بأربعة أعوام من رياسته للنادي الأدبي في الرياض، سواء أجاءت متزامنةً مع التنظيم الجديد للأندية أم سابقةً لها، تابعةً أم مستقلةً عنها؛ حيث ظل نائياً عن وجاهة الكراسي، وكان الوكيلَ «الأهم» في جامعة الإمام، وبقي، كما هو، أدباً وحسنَ تعاملٍ وخلقاً رفيعاً وتواضعاً؛ وهو ما جعل قيمته الشخصية تعلو في نفوس طلبته وعارفيه والقريبين من الشأن الثقافي بشكل عام.
وقد اعتدنا مَن يغادرون مكانًا أن ينأوا عنه جسماً وظلاً، غير أن شيخنا «الرُبَيِع» ما يزال متواصلاً مع الجامعة، ومع النادي، ومع الأنشطة الثقافية بشكل عام، دون أن يقربه اللقب الإداري أو يبعده تبدله، وأكثر من هذا؛ فهو يبذل نفسه مضحياً بصحته ووقته؛ ليشارك في اللجان والاحتفالات ذات القيمة المعرفية والإنسانية، حتى إذا دُعي لتكريم الكبار من شيوخه (وآخرهم ابن عقيل وابن خميس) كان في طليعة الملبين، متحاملاً على وجع عينيه، ومؤجلاً عملية ضرورية؛ كي لا يتأخر عما يراه واجباً.
وهذا الملف «الصغير» كلمة أولى في حق أستاذ كبير عُرف بالدقة والمنهجية والحزم العلمي والبذل الشخصي، وهو ملف نختتم به سنة المجلة هذه التي يتبقى لها العدد القادم ثم تتحول إلى ملحق داخلي خميسي حتى بداية العام الميلادي القادم وفق ما أحطنا به القراء قبلاً.
للأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع دعوات صادقة بأن يبارك الله في عمله، ويَنْسَأ في أجله، وتسعد بعطائه الأجيال.
العلم رحلة.
الملف من إعداد: علي بن سعد القحطاني