كعادته أستاذنا المفكر الدكتور عبدالله الغذامي يرمي في طريقنا قنبلة ثقافية موقوتة قد تنفجر في أي وقت لتُثير جدلية ثقافية يصطف حولها الكثير من المؤيدين بحجة ودون حجة والرافضين لها بحجة ودون حجة أيضاً.
يشكك الغذامي في مضمونية مقولة «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية»، بل وينسف مضمونية تلك المقولة باعتبارها «ادعاءً واهماً»، ويستبدلها بمقولة «قل رأيك ولا تبالي».
وما بين المقولتين هناك أشياء غابت عن أستاذنا الغذامي، أو هكذا أظن.
لست هنا في مقام تحليل رؤية أستاذنا بهذا الخصوص فعندما ينجز كتابه سأفعل ذلك بلا شك، لكني في مقام التساؤل حول خصوصية نسقية المقولة المعدّلة التي يحاول الغذامي عبر نسفه لمقولة ثنائية «الاختلاف والود» أن يعيد التاريخ نفسه ظانًّا أنه يكتشف تاريخاً نسقياً جديداً.
عندما نتأمل التركيب الأولي للمقولتين سنجد أن مقولة « قل رأيك ولا تبالِ» هي منظومة إجرائية تداولية تقوم على ثلاثة عناصر هي «التمييز والتصريح والتفعيل»، في حين أن مقولة «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» تحتوي على خمس مفهومات تداولية تنتمي للفعل الإنجازي تحتويها تلك المقولة» الاختلاف والرأي والإفساد والود والقضية» وكل مفهوم بدوره يحتوي على عدة مستويات استقرائية، وكل مستوى من تلك المستويات له ارتباطاته الاقتضائيّة، وكل ارتباط اقتضائي مؤَسس وفق تطبيقات مقتضيات الأحوال.
وعلى مستوى النوعية يمكن تقسيم المقولة الأولى «ثنائية الاختلاف والود» إلى قسمين: قسم حججي وقسم علائقي، فالرأي والقضية ينتميان إلى القسم الأول، والود والإفساد ينتميان إلى القسم الثاني، وبذلك فنحن نصنع من تلك المقولة موقفاً تداولياً أكثر منه موقفاً جدليًّا يمكن تحليله وفق عناصر تداولية أفعال الكلام.
وذلك الحشو المعقد لبنية المفهومات التداولية للمقولة الأولى لا يخلو بدوره من تشابك جدلي لمسار الموقف التخاطبي الذي يتكون سواء وفق بنية تلك المقولة أو وفق بنية حاصلها.
ولذلك دهشت عندما تجاوز الغذامي ذلك الحشو المعقد لبنية المقولة وحشرها في ثنائية «الاختلاف والود»، ولا أقصد بالتجاوز عدم التوسع في تفاصيل التحليل؛ لأن الفكرة ما زالت في طور الإنشاء، بل أقصد بالتجاوز القفز إلى النتائج وإقرار التوصية بتعديل بنية المقولة «قل رأيك ولا تبالِ».!
فهل يريد الغذامي أن يمارس تعديل بناء الموقف التداولي لتلك المقولة؛ أي إعادة صياغة بنية حقائق المخاطبات، واستثمار التعاون الخطابي في توسيع أفق الموقف التداولي، إعادة مراجعة الخلفية المشتركة لصناع الموقف التداولي من خلال طرح جديد للاستدلالات؟ سؤال ستظل إجابته معلقة حتى نقرأ ما سيكتب الغذامي.
إن مقولتي «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» و»قل رأيك ولا تبالِ» تنتميان إلى منظومة الفعل الكلامي أو النظام التداولي، فهما يمثلان إستراتيجية اتصالية عبر الفعل الإنجازي كونه الوحدة الأولية للاتصال، وكل فعل إنجازي يشمل قصدية إنجازية لمنظومة قضوية، وتلك المنظومة بدورها تسعى لإنتاج معنى متوازن القيمة عن طريق المعايير والقواعد التي توازن بين فعل القول وبيان الموقف، وأقصد بالقيمة بنية التصور الثقافي لا نوعية الحاصل؛ لأن نوعية الحاصل مرتبطة اقتضائيا بقيمة بنية التصور، وهذا ما ذهب إليه أستاذنا الغذامي. إضافة إلى أن كلتا المقولتين تتضمن أفق توقع» الحقيقة والواقع»، وذلك الأفق عادة يعتمد على قوة المنطوق الانجازي أي السعي إلى تحقيق مقصد صانع الموقف التخاطبي هذا على مستوى الأول أما المستوى الثاني فهو يعتمد على حاصل تفسير المرسل إليه لأفق المنطوق.
وبذلك تعتمد عبارة المنطوق الإنجازي على نقل المعنى المرتبط بسلوك المتكلم إلى صدق القضية التي يعبر عنها أو عدم صلاحيتها والتعبير هنا يحقق معنى تأثيرياً.
كما أنها تتضمن مستوى معيناً من التوقع، بحيث يحاول الناطق إيجاد رابط توقعي بين الواقعة الحاضرة وما يشبهها من واقعة مستقبلية.
وتحمل عبارة المنطوق التداولي معياراً لقيمة بنية التصور وفق صدق الناطق نحو القضية وتوقعه المستقبلي.
ومقولة «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» تحمل من خلال أفق الحقيقة والواقع تعديلاً خفيًّا لقوة الفعل الإنجازي لضرورة احترازية؛ باعتبار أن ما أعتقده من رأي وفق ذلك الأفق غير ملزم بالاتفاق الجمعي، كما أن حاصله لا يؤثر على نوع العلاقة، ورفع الغطاء الاحترازي من فوق تلك المقولة كما فعل الغذامي، عندما حّول الاختلاف إلى خلاف والتعددية إلى أحادية وإمكانية الوسطية الفكرية إلى إجبارية التطرف الفكري.
وهنا ندخل إلى منظومة تداولية مختلفة اختار لها الغذامي مقولة مُعدّلة هي «قل رأيك ولا تبالِ».
فهل هناك اختلاف بين المقولتين على مستوى نشأة الموقف التداولي أو حاصله؟
القيمة الجوهرية للاستعمال اللغوي هي ارتباط الصيغة بالمقصد، فالكيفية التي يقدم بها القول التداولي هي ممِثل لمعتقد القضية، وحينما يحاول صانع القول التداولي من تعديل كيفية القول التداولي فهو يسعى إلى تعديل الوعي بمقصد القضية ومقتضيات سياقها.
وتعديل كيفية تقديم القول التداولي لإعادة إنتاج المقصد القضوي عادة يكون نتيجة أمرين: مؤُثِر وهو يرتبط بسلوك الفاعل الاجتماعي، وهدف أي التعبير عن معنى تأثيري، وذلك المؤثِر والهدف هما المحفِّزَان لتعديل القول التداولي.
والآن سنتوقف أمام تصور هيكلي لبنية كلتا المقولتين؛ المقولة الأصلية والمقولة المعدّلة أو المقولة الغذامية.
«اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» و» قل رأيك ولا تبالِ» فالمقولة الأولى جملة اسمية تامة يتحقق معها اكتمال الحلقة الاتصالية.
أما المقولة الغذامية فهي جملة طلبية اعتمدت على نوعين من الحذف، والحذف عادة قرينة استثمارية لمصلحة الدليل والتركيز عليه وسلب قيمة الظهور من المحذوف.
الحذف تم من خلال الإضمار الواجب، إضمار الفاعل، والحذف المُختار، فأصل المقولة « قل رأيك ولا تبالِ بأحد- أو بغيرك- أو بأي شيء»، والحذف في الجملة الثانية «بغيرك-بأي شيء» يحمل دلالة الإقصاء؛ فإذا قدرناه «بأحد-بغيرك»؛ فالإقصاء هنا واقع على المتأثر-الآخر، وإذا قدرناه «بأي شيء» فالإقصاء واقع على المقتضى العقلاني، وفي كلا التقديرين فالإقصاء واقع وتطرّف الفردية مُحقق.
وعلى مستوى الفاعل، ففعلي الطلب «قل- لا تبالِ» يحتويان على فاعلين؛ فاعل سلطوي غير نحوي وفاعل تنفيذي «قل أنت، ولا تبالِ أنت»، وبذلك يتصِّفُ الفاعل التنفيذي- النحوي بالاتباعية للفاعل السلطوي غير النحوي، وهو إتباع لا يُمكِّن من تحقيق الحلقة الاتصالية، وإن كان يُنتج مجموعة من الارتباطات أحادية المستتبع.
إنَّ المقولة الأولى تشترط ضمنياً «الصحة والفساد» للدليل، في حين أن المقولة الغذامية تشترط ضمنياً «الصدق والكذب»، وبذلك فالمقولة الغذامية تحوّل ما يمكن أن يكون حاصلاً إلى قيمة تعيينية.
والصحة والفساد كإضافيين يرتبطان بالنسق، وإقرار نوع حاصل «الفساد والصحة» يحدده منطق التدليل، لا قوة تنفيذ التدليل التي تفرض القيمة التعيينية.
والصحة والفساد قيمتان علاقيتان للدليل تستندان إلى توزيع أدوار الفاعلين في الحلقة الاتصالية، والصدق والكذب علاقتان تعتمدان على التمييز أو القول، وهو اعتماد يدفع إلى الاستغناء عن ذكر العكس بالحذف في تقرير وجود ما يثبت العكس، ولذلك اكتفت المقولة الغذامية بدالة ما يثبت العكس»رأيك» دون ذكر طباق الدالة «رأيك-غيرك» عن طريق الحذف «قل رأيك ولا تبالِ بغيرك» مستدعية اعتبارية أن ظهور الآخر يسلب الذات قيمة سيادتها للموقف، لذلك وجب الحذف المقصود بالنية أو المقصود بالإضمار.
وإذا كانت الصحة والفساد علاقتان تعتمدان على ترتب توزيع المشاركة بين عناصر الدليل على مستوى الحلقة الاتصالية، فالصدق والكذب علاقتان تعتمدان على استقلالية عناصر الدليل كممثل للذات عن الحلقة الاتصالية كممثلة للآخر، مما يُدخل المقولة الغذامية إلى موقف منظور يتحرك وفق ثنائية الحضور والغياب، على الاعتبار أن الاستقلال لا يتحقق إلا في حضور وهيمنة الفاعل وتغيّب الآخر كما مثلته المقولة الغذامية من خلال مركزية الفاعل بالجمع بين كونه رمزاً سلطوياً وكونه فاعلاً إجرائياً، وتعمدت تغيّب الآخر عبر حذف حرف الجر ومتعلقه سواء أكان المتعلق متأثراً أو مقتضياً.
إن مقولة «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» تحمل إمكانية تعدد «الاحتمالات»، فالاختلاف كما هو معروف في المأثور الديني «رحمة» لتوفره على قيمة الاحتمال التي تُشرِّع للعقلانية والاجتهاد والتكيّف، فكيف يصبح مسوغاً للصراع والعنف كما ذهب الغذامي؟ أو كيف يتحول الاختلاف من كونه رحمة إلى سبب للعنف والصراع؟.
وهذا الحاصل يتم عبر التحول الاستدلالي من الاحتمال إلى اليقين، والخلط بين أنواع الأدلة، الدليل المقلِّد والدليل المشتهِي والدليل العقلاني والدليل الاجتهادي.
في حين أن المقولة المعدّلة «قل رأيك ولا تبالِ» تفترض اليقين المسبق لجذر الفكرة لأن من خصائص الفعل الطلبي «قل» تقرير السلوك في ضوء تحقيق صحة الفعل أو صحة ناتجه، وهذا الافتراض يوهم ذهنية الفاعل بالتوثيقية، مما يدفعه إلى السعي إلى إثبات يقينه التوثيقي ملغياً فرضية الاحتمال أو تجريب دليل اجتهادي أو عقلاني خارج منظومة يقينه التوثيقي.
والمقولة الأولى تعتمد على تعدد الفاعلين في الموقف التداولي من خلال بنية علائقية «الود»، والود علاقة تشترط ثنائية أو تعددية الفاعلين.
في حين أن المقولة الغذامية تعتمد على أحادية الفاعل أو لا تشترط تعددية الفاعلين لغياب القيمة العلائقية، أو ما يمكن أن نسميه «فراغ الموقف التداولي» أو «الموقف التداولي الصوري»، فالموقف التداولي للمقولة الغذامية هو موقف صوري وليس حقيقياً؛ لاعتماده على أحادية الفاعل وعدم إنتاجه لحلقة اتصالية.
«ولا تبالِ» وعدم المبالاة بالآخر هو إقصاء معنوي له لتغيب القيمة العلائقية، وإقصاء مادي لاحتكار الدليل.
ومن خصائص الفعل الطلبي أيضاً أنه حامل للقوة والسلطة، كما أنَّ المقولة الغذامية تشترط وجود القوة والسلطة «قل» قبل ممارسة التنفيذ «لا تبالِ»، وبذلك فالمقولة هنا تستدعي بدورها مقولة «البقاء للأقوى».
المقولة الأولى تتحرك وفق موقف تداولي متغير، في حين أن المقولة الغذامية موقعها ثابت بسبب امتلاكها اليقين التوثيقي وأحادية الفاعل وتوفر القوة والسلطة، وهنا تُحول هذه المقولة الموقف التداولي إلى خطاب أو ما يمكن أن نسميه «الرمزية التداولية»، وأقصد بالرمزية التداولية توفر الفعل الكلامي «قل» في صيغة خطاب لا موقف تداولي، وقد يقول قائل إن كل موقف تداولي هو حامل لخطاب، والأمر لا أحسبه كذلك، فكل موقف تداولي هو حامل لبنية تخاطبية وليس لخطاب، وتحول البنية التخاطبية إلى خاطب يشترط وجود قوة وسلطة.
المقولة الأولى تضمن غطاءً احترازياً ضد المنازعة والخلاف والعنف من خلال توفير سقف علائقي «الود»، كما أن ذلك الغطاء الاحترازي يضمن الحدود المأمونة للتكافؤ بين الأطراف من خلال التوزيع المتساوي للحجج وفي ضوء تحقق ضوابط الدليل الاجتهادي والدليل العقلاني.
والمقولة الغذامية ترفع ذلك الغطاء الاحترازي الذي يُلغي بدوره قوانين العقد الحواري وما تنتجه من علاقات؛ لأنه مالك القوة والسلطة فلا يحتاج إلى ذلك الغطاء، كما أن ذلك الغطاء وظيفته غالباً توفير حق التكافؤ لجميع الأطراف، لكن المقولة الغذامية بما أنها تسعى إلى أحادية الفاعل ولا تشترط تعددية الفاعلين فلا حاجة لها لغطاء احترازي يضمن حق التكافؤ في مداولة حجج الأدلة.
المقولة الأولى تؤسس على أن إمكانية الاتفاق في الحوار أسبق من إمكانية التعارض، وأن الاختلاف هو أساس الحجة وليس الخلاف، وهما إمكانيتان تسمحان بتشريع قوانين الحوار مع الآخر، وحوار الحضارات وحوار الأديان، وتجربة التعايش مع المختلف.
والمقولة الغذامية تؤسس على أن التعارض أساس الحوار وليس الاتفاق، وأن الخلاف هو أساس الحجة وليس الاختلاف.
ووفق ذلك فإمكانية تشريع قوانين حوار الحضارات والأديان والحوار مع الآخر ونجاح تجربة التعايش معه تضيق، لتفسح المجال لبروز التطرف الفكري وهيمنة سلطة الرأي الأحادي.
تؤسس بنية المقولة الغذامية أيضاً على صناعة «دائرة الصراع»، ولكن ما مدى نوع تلك الدائرة؟ فهل يقصد بها «مجازية الصراع» كما عند هيجل والتي تُنتج العقل الموضوعي؟ أم يقصد بها المفهوم الحقيقي «للصراع» الذي يحول الآخر إلى جحيم كما عند سارتر؟.
إن مجازية الصراع عند هيجل تهدف إلى أن الإنسان لا يستمد وعيه بذاته إلا من خلال موقف وفعل سيكولوجيين يستطيع من خلالهما إشباع وعيه بذاته عبر»مجازية الصراع» بين «الأنا» من خلال موقف وفعل سيكولوجيين و»تمثل الأنا في الذات المغايرة» أي ردة الفعل نحو الفعل والموقف السيكولوجيين للأنا، وبذلك فالأنا تدخل في صراع مع الذات المغايرة التي تمثلها، ومجازية الصراع تُمكِّن الأنا من تحديد ضوابط سلوكها نحو الآخر لتحقيق استقلاليتها الوجودية وكمالية الذات المغايرة معها أنطولوجيا.
أما سارتر فيرى أن العلاقة بين الذات والغير هي علاقة صراع، «فالجحيم هو الآخر».
يحضر الآخر أمام الأنا وفق منطق سارتر عبر النظرة «الرؤية المادية- أو الموقف المنظور» كما عند الغذامي، و تحضر الأنا عبر ذات الموقف للآخر، وبذلك يصبح الموقف المنظور هو وسيلة الحضور أو مستوى الحضور، والاختفاء عن دائرة المنظور هو وسيلة الغياب أو انعدام مستوى الحضور.
الأنا في غياب الآخر الذي أقصته المقولة الغذامية عن طريق الحذف «بغيرك» تصبح هي المركز الذي تلتف حوله الأشياء والموضوعات، وبقدر ما يغيب الآخر عن مجال الرؤية، والرأي هنا معادل للرؤية؛ لأنه يحقق نفس قيمة الرؤية الحضور والتعريف، بقدر ما تستطيع الأنا تشكيل الأشياء والإحاطة بها والتمركز حولها لتمارس فاعليتها على الموضوع- الذات الغائبة.
كما تؤسس بنية المقولة الغذامية على التعادل بين الاختلاف والخلاف، لذا يعتبر أن مقولة «ثنائية الاختلاف والود» «ادعاء واهم» وفق اعتبار التعادلية بين الاختلاف والخلاف، فالود باعتباره ناتجاً «للتطابق» يتعارض مع ناتج الاختلاف، «التعارض» والود باعتباره آلية من آليات التساوي والتوازن في النهائي، يتعارض مع الاختلاف كآلية من آليات التفوق والغلبة في النهائي، والود كمعزز للتعددية يتعارض مع الاختلاف كمعزز للأحادية، إضافة إلى أن الود يلجأ إلى تقاسم المنطق الحججي، في حين أن الاختلاف يميل إلى امتلاك المنطق الحججي بمفرده.
ونلاحظ من خلال تفكيك بنية المقولة الغذامية أن الغذامي لا يُقِرُّ بأن الاختلاف قد ينتج رحمة كما قد ينتج عنفاً، أو ينتج قيمة تعارفية كما قد ينتج صراعاً، أو ينتج عقداً علائقياً كما ينتج تمييزاً، أو ينتج تعددية فكرية كما ينتج أحادية فكرية، أو ينتج تعايشاً مع الآخر كما ينتج إقصاءً، أو ينتج تصالحاً كما ينتج صراعاً.
ولذلك تضعنا تلك المقولة الغذامية وجهاً لوجه أمام سؤالين مثيرين وشائكين على الأقل عندي.
وهما: هل يشكك الغذامي في صلاحية الحوار مع الآخر؟ ويدعو إلى التطرف الفكري من خلال مقولته «قل رأيك ولا تبالِ»؟.
جدة
seham_h_a@hotmail.com