أو كما قيل لي: إن مهرجاناً بكامله تم اختطافه من مؤسسيه وانحرافه عن أهدافه!
في البداية كانت الدعوة عادية: اتصال من شخص أردنيّ اسمه (محمود الزعبي) يقدم لي دعوة للمشاركة في (مهرجان شعريّ في الأردن – الرمثا) وقد أخذ رقم هاتفي من صديقي الشاعر اللبناني إلياس لحود (بوصفه أحد المشاركين في المهرجان) وذكر لي أسماء المشاركين الآخرين: عبد الرزاق عبد الواحد من العراق، وابتسام الصمادي من سوريا، وغيرهما.. بالإضافة إلينا (إلياس وأنا).. ولأنّ علاقتي بمن ذكر ليس فيها ما يدفع باتجاه الاعتذار فقد وافقتُ متشوقاً لرؤية صديق عزيز أحبّ التقاءه في مناسبات كهذه..
الصديق المعنيّ هو إلياس لحود الذي اعترض بعد ذلك على شعار المهرجان (نصرة الأهل في فلسطين) وكان محقاً في اعتراضه، إذ لا يليق بالشعر أن يكون مجنداً في اتجاه واحد.. ولكنّ المسؤولين عن المهرجان كلموني ثانيةً بإصرار وإلحاح أنّ ثمة مسألة في غاية الخطورة والحساسية سأعرفها حين أصل إلى الأردن..
ولأنني دائماً أتوقع الإدهاش من كلّ غموض، فقد تحمّستُ لمعرفة كنه المسألة (الخطيرة) وهاتفتُ إلياس لحود وأقنعته حتى وصل من مطار بيروت إلى مطار عمّان قبل أن أصل أنا إلى مطار الرياض مغادراً إلى الأردن!
التقينا في عمّان مساء الثلاثاء 8 يونيو 2010 وذهبنا معاً إلى الرمثا بصحبة محمود الزعبي وعدد من القائمين على المهرجان والتقينا بعبد الرزاق عبد الواحد وابتسام الصمادي وكانت مناقشة (المسألة الخطيرة) تبدأ بالتالي:
نسخة من جريدة أمريكية على صفحتها الأولى صورة كبيرة لرجل أردني يحمل العلم (الإسرائيليّ) وهو يتوسط مجموعة من اليهود، ثم ترجمت ابتسام الصمادي المكتوب: (باسم المنتدى الثقافي الأردني في الرمثا والمهرجان الشعريّ نتشرف بالتعاون مع أبناء عمومتنا الإسرائيليين، ونحن لا نستطيع أن نشعر بالأمان في دولنا العربية وهناك يهوديّ لا يشعر به في دولة إسرائيل)!
نظرنا – نحن الضيوف – إلى بعضنا، ثم بدأ المسؤولون عن المهرجان الذي حضرنا من أجله يشرحون لنا الحكاية، وقد اقتنع بعضنا على مضض، غير أن الإصرار كان مني (تحديداً) على أن يصدر الملتقى بياناً (مكتوباً) يعمم على جميع الصحف العربية والأجنبية حتى تتضح الصورة لكل من يهمه شأنُ الشعر والشعراء (ومواقفهم) ولأن الوقت لم يكن كافياً فقد شاركتُ في حفل الافتتاح المقام في مدينة (إربد) مساء الأربعاء 9-6-2010 على أن تتم صياغة البيان في اليوم التالي، غير أنّ أحداثاً حالت دون ذلك في اليوم التالي أيضاً فكدتُ أن أعطل المهرجان منسحباً منه لولا تدخلات ووعود من شخصيات كبيرة ومحترمة فقبلتُ المشاركة لليوم الثاني (الأربعاء) حيث أقيمت الأمسية في بلدة (الشجرة) الأردنية. أما في اليوم الثالث، الذي هو الحفل الكبير للأمسية الختامية (في بني كنانة) فقد أعلنتُ رفضي القاطع الخروج من الفندق ما لم تتم كتابة البيان.. ففي نظري أن الكلام الشفهيّ وحده لا يكفي الشاعر للمغامرة باسمه في مهرجان قد يتعرض لاحقاً لشيء من الشبهات، فاستجاب القائمون على الملتقى والمهرجان جالسين عندي في الفندق حتى تمت صياغة البيان (على ورق رسميّ وبالختم الرسميّ) وسيرسل للصحف لاحقاً، وهذا أنا أنشر هنا نصه كاملاً:
بيان صادر عن الملتقى الأردني للتنمية الثقافية – الرمثا (بخصوص مهرجان الشعر العربي):
نود بهذا البيان إيضاح النقاط الرئيسة التالية:
أولاً: انطلقت فكرة إقامة هذا المهرجان قبل نحو ما يزيد على خمسة عشر عاماً لكي يكون منبراً حراً يعبر عن فكر وهموم الأمة العربية بتنظيم من منتدى الرمثا الثقافي – الأردن.
ثانياً: حصل خلاف حول توجهات المهرجان ترتب عليه انفراد جهة في المنتدى انحرفت بالمهرجان عن توجهاته الأساسية لكي يخدم توجهات غير معروفة.
ثالثاً: تبين لاحقاً ومن وثائق صحفية أمريكية بأن إدارة المنتدى المذكور قد انحرفت كثيراً عن مسارها إلى درجة أن أحد أعضاء الإدارة فيها وهو السيد (غازي أبو عاقوله) قد حمل العلم (الإسرائيليّ) وهو يتوسط أعضاء لجهات صهيونية في أمريكا – وهذا منشور بالتفاصيل وموثق بالصور في صحيفة THE MOUNTAINEER عدد الاثنين 26 يوليو 2004 (نحتفظ بنسخة منها).
رابعاً: تمت المحاولة مراراً من السيد محمود الزعبي وعدد من الأعضاء المؤسسين لمنتدى الرمثا الثقافي لتعديل هذا المسار المنحرف إلا أن السيد غازي أبو عاقوله والسيد محمد الزعبي أصرّا على الانفراد بالمنتدى والسير به بعيداً عن توجهاته العربية الثابتة.
خامساً: من منطلق الحرص على التوجهات الثابتة والواضحة بادر السيد محمود الزعبي وعدد من زملائه بتأسيس ملتقى ثقافيّ تحت اسم (الملتقى الأردني العربي للتنمية الثقافية – الرمثا) من أجل العودة بالمهرجان الشعريّ العربيّ إلى مساره الصحيح بعيداً عن الشبهات.
سادساً: بناء على ما تقدم وانطلاقاً من توجهات الملتقى فقد تمت الدعوة لإقامة مهرجان للشعر العربي (عام 2010) بمشاركة عدد من الشعراء العرب، البعض منهم تخلف عن الحضور في آخر لحظة بتأثير إعلامي من السيد محمد الزعبي، وأما من حضر من الشعراء وشارك في إحياء فعاليات المهرجان فقد اطلع على بعض هذه التفاصيل ونخص منهم الشعراء العرب الكبار: عبد الرزاق عبد الواحد من العراق، وإلياس لحود من لبنان، وفيصل أكرم من السعودية، وابتسام الصمادي من سوريا.
سابعاً: نود أن نوضح بناء عليه أن (مهرجان الرمثا للشعر العربي) قد عاد هذه السنة بالصفة الرسمية، وسيستمرّ برعاية وزارة الثقافة الأردنية وبتنظيم من (الملتقى الأردني للتنمية الثقافية – الرمثا) في السنوات القادمة إن شاء الله.
حرر بتاريخ 11-6-2010 التوقيع: محمود الزعبي (رئيس الملتقى).
وبعد، فقد كان إصراري على انتزاع هذا البيان قبل إتمام مشاركتي في حفل الختام وتسلّمي الدرع التكريميّ، لأن من العيب على المبدع أن يكون جاهلاً بمواضع قدميه وأبعاد حضوره باسمه وشخصه وشخصيته الاعتبارية والوطنية، ولقد طرحتُ كلّ شيء هنا لمعرفتي أن عدداً من زملائي الشعراء (عربياً ومحلياً) سبق لهم المشاركة في المهرجان الذي تورّط بما عرض له البيان (وأحتفظ بالنسخة الأساسية للبيان، وصور من كل الوثائق التي جاء على ذكرها، وأرفقتُ مع هذه المقالة صوراً منها ).
فيصل أكرم
ffnff69@hotmail.com