الزميل هشام قنديل أخذ على عاتقه وعاتق اتيليه جدة الذي يديره منذ أعوام تنظيم معرض كبير يمكن القول إنه (تظاهرة فنية) في القاهرة وهي التجربة الثانية التي يخوضها بكل ما يحف مثلها من مخاطر المستويات والإعداد والتنظيم وشحن الأعمال وطباعة الدليل وحضور الفنانين من هنا ومن هناك، كنت عازما على المشاركة في هذا المعرض بالحضور ومشاركة الأصدقاء حفل الافتتاح والتواجد خلال الأيام الأولى له إلا أن ظروفي لم تساعدني على ذلك وتلقيت بعضا من الانطباعات الشخصية من الزملاء الحاضرين ومن بينهم طبعا منظم المعرض.
الأسماء التي طرحها كثيرة نسبيا وقد خصصت لها قاعات كثيرة زادت على عدد الأعمال مع كثرتها، فالفنان الواحد مثل من يقيم معرضا فرديا، بل إن هشام قنديل أرادها كذلك فقد كان يؤكد على أن هذا المعرض الكبير بمثابة معرض فردي لكل مشارك وأن الأعمال لا تقل عن خمس عشرة عملا وأعتقد أنه حصل ذلك إلا من بعض المشاركين، ومثلت الأعمال المقدمة أكثر من جيل، فطه صبان على سبيل المثال وعبدالله حماس وأحمد حسين الغامدي وعلا حجازي وشاليمار شربتلي وعوضة الزهراني وأسماء أخرى من فنانين وفنانات معروفين أو من أصحاب الحضور الفني داخليا وخارجيا، ومثل هذه المعارض الكبيرة وقد تحملتها جهة واحدة وشخص واحد هي في الواقع مسؤولية كبيرة ونقدر للزميل هشام قنديل كل الجهد الكبير الذي بذله من أجل إنجاح المشاركة ولا شك أن هذا هو ما يهمه، وحسب كل الأقوال التي سمعتها فهناك إشادة بالمعرض وبالحضور السعودي في واحدة من عواصم الفن العربية خاصة إذا علمنا بعدد الفنانين والعلاقة التي تربط كثير منهم، وغير ذلك كثير، فالقاهرة تشهد منذ الثمانينات بيناليها الدولي وكان للمملكة حضور منذ الدورة الأولى ومن خلال الفنان الراحل محمد السليم الذي كان وحيدا في هذا المعرض ثم توالت المشاركات في البينالي إلى المشاركة في ندواته الدولية وقد كان لي شرف ذلك كأول سعودي، بجانب مشاركتي في البينالي، ومشاركة أخرى في الندوة الموازية لترينالي الكرافيك الدولي في أولى دوراته 1993-1994، كما أن العلاقة تمتد إلى نشاطات مشتركة تبناها هشام قنديل في اتيليه جدة فعرضت أعمال عدد من الفنانين الرواد من مصر بجانب العروض الفردية لبعض الفنانين أو المشاركات الجماعية.
يهمنا دائما في مثل هذا التبادل الفني والمعرفي التواجد المصري مثلما هو الحضور السعودي في مصر وأعني ذلك في كل المناسبات التشكيلية المشتركة وأستعيد منذ أعوام حضور بعض الفنانين المصريين إلى جدة وإقامة ورش فنية كان من بين الحضور عبدالوهاب عبدالمحسن ومحمد عبلة وعادل السيوي وهي خطوة للتبادل المعرفي والخبرات ما بين الفنانين على أن الحضور السعودي في بعض المناسبات التشكيلية المصرية كان واضحا بل إن بعض السعوديين أو السعوديات حصلوا على جوائز من تلك المشاركات، وأشير إلى حنان حلواني ونايل ملا وربما آخرين.
تبقى العلاقة بين الفنانين المصريين والسعوديين قوية بتبادل الزيارات وبالمشاركة سوية في ورش فنية وأستعيد هنا بعض المشاركات الفردية لفنانات تشكيليات سعوديات في مناسبات ذات صفة دولية، هذا خلاف نشاط الجهات الحكومية منذ 1989عندما أقيم معرض للفن السعودي في دار الأوبرا وكان من تنظيم جمعية الثقافة والفنون ومعرض أقيم منذ أعوام لمجموعة من السيدات في اتيليه القاهرة ولا شك أن نشاطات أخرى تقوم بنفس الدور، لكني أيضا أؤكد على أهمية أن ننقل أفضل ما يمكن ليس فقط إلى مصر إنما إلى العالم أجمع وهو في الواقع ما يحصل في بعض المعارض حتى الكبيرة منها، فهناك من يدفع بنفسه إلى المشاركة، وهناك من يجامل ويقبل، وهناك من يرى أن في ذلك أهمية يجب أن يجدها مثل غيره والواقع هو ما استشعرته في تلك المشاركة الأخيرة وإن كان ذلك على حساب المستوى العام للمناسبة، وهو ما جعل من بينالي القاهرة -فيما بعد- يقنن مشاركات الدول المستضافة ومنها المملكة طبعا بدعوات فردية خاصة إلى فنانين بعينهم.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام