أَقِفُ الآنَ عند جُثمانِ حَرْفٍ
يَتَدَلَّى مِن هَرْطَقَاتِ العُيُونِ
ومِدادي مَى الذُّهولِ وكَفِّي
تَقبِضُ الليَّلَ جرعةً مِن جُنونِ
كيفَ شاغَبْتِ عُزلَتي نَسَماتٍ
وتَسَرَّبْتِ مِن جِرَارِ السُّكونِ
ولماذا أَتَيتِ نَفْثاً غَريقاً
في رِحابِ المجهولِ يَندَاحُ دوني
أنتِ يا نَفْحَةَ الحَنينِ تَفَشَّتْ
في مَسَاءٍ مُلَوَّثٍ بالظُّنُونِ
هل رَشَفْتِ الضَّبابَ لمََّا تَنَزَّى
مِن عُيُونٍ لا تَرعَوِي عن مُجونِ
أنتِ يا جَونَةَ الأَريجِ لماذا
تَذْرِفينَ الشَّجَى حَفيفَ غُصونِ
أنقذيني مِن سَطوَةِ الهمس إنِّي
أَنحَتُ الشِّعرَ مِن مُحَيا شُجوني
وتَسَامَي هَزيمَ فَنٍّ فَإنِّي
أَعرفُ الوَجْدَ مِنْ ضَجيجِ الفُنونِ
سَتَرَينَ الآفاقَ تَفطِمُ جرحاً
شَبَّ عن رِبقَةِ النَّزيفِ الهَتُونِ
إنه الجرحُ قد تَمَرَّدَ حَتىَّ
لَثَمَ الكونَ مُتْرَعاً بالفُتُونِ
حينما يولَدُ الضُّحَى كَوثَرِيًّا
عند ترجيعِ مُنشِدٍ مجنونِ
حينما تَعقِدُ العُطورُ سَحاباً
يَتَلَظَّى مِن شهقة الزَّيزَفُونِ
وتصيرُ الأوراقُ وثبةَ نَفْسٍ
تَتَنَاهى إلى نَهَارٍ حَنُونِ
تسمعينَ الأشواقَ فِيهِ تُغَنيِّ
سَكْرَةً تَقْتَفي ظِلاَلَ الجُفُونِ
إنَّ أحلى الغَرَامِ ما يَتَشَظَّى
بَينَ أكفَانِ نَاسِكٍ مَفْتُونِ