Culture Magazine Thursday  28/05/2009 G Issue 285
قراءات
الخميس 4 ,جمادى الآخر 1430   العدد  285
قراءة عَجْلَى في ديوان (ماسٌ لها)
للشاعرة العربية السورية ابتسام صمادي
خالد الخنين

 

نكهةُ الشعر وشجر الحياة المورق

أنا لا أحبذ أن أكون النهرَ

كي لا أحتوى في ضفتينْ

وأود لو أغدُو التدفقَ عينهُ

كي لا أكرر مرتينْ

... هي ذي نكهةُ الشعر التي بدت صعبةَ الغايةِ والمنال، حيث بات على قارئ الشعر أن يبحث بين ركام الكتابات لكي يعثر على القصيدة الجيدة، تلك القصيدة الممزوجة بشفافية الوجدان، وعبق الروح... ابتسام صمادي شاعرة تملك حساً شعرياً يجعلها تمنح قارئها فسحةً للخوض في شعرٍ سكبته أناملُ تدرك وعي ما تكتب جيداً؛ شعر يخوض في صميم العاطفة الجميلة، والوطني الجذاب، مما يدلُّ على قدرة ابتسام صمادي أن تقنع قارئها وعشاق شعرها بأنها تضع صيغة شعرها من رحيق أنفاسها ووطنيتها الحارة القادمة من موطنها في جنوب سورية حيث هي تملك الأدوات الشعرية الجميلة ذات الأنفاس العابقة بالسحر والجمال والشفافية كي تقول لمن يقرؤها: هذا شعري، وهذا نبضُ قلبي:

أشتاقكَ الآنَ الملاذَ تجيئني

بعد المنازل والمدائن والوطنْ

وخريطةً لمواجعي

في كلِّ أسفار الزمنْ

فعلامَ تخجلُ لهفتي؟!!

وعلامَ ترحلُ خطوتي!!؟

قد أختفي عن ناظري وناظريكْ

لكنْ.. تدل عليَّ - من فرح القدوم - أناقتي

والزاجلُ المختصُ بالطيران من قفصي إليكْ

خذني زميلَ مشاعري... خُذْ... لا عليك!!!

بساطةٌ في الأناقة الشعرية، وجزالة في الأسلوب، ولغة شفافة غير غاصة بالرموز والنابيات من الحشو والكلام الباهت المقيت.. أتقنت ابتسام صمادي حرفة الشعر، ووقفت بمجموعاتها (ماسٌ لها) ندا للشعراء الذين يقفون في ساحة الشعر الحقيقية الأصيلة.. هي روح الجنوب البدوية العامرة بالأنوثة والقيم والجمال الآسر، بكينونتها وشعرها، وإحساسها المرهف بالشعر والحياة.

لقد اشتغلت على قصيدتها بجهد حي وفاعل وخلاق، وها نحن نقف عند تفاصيل كتاباتها في هذه المجموعة وفي كتابات لها نتابعها خلال الصحف والمجلات العربية والفضائيات وفي أقطار عربية أخرى.

تعرف الشاعرة ابتسام صمادي ونفسها الشعري الخاص بها الممزوج باللهفة والعطر، وأناقة الوجدان الأصيل:

سأعيدُ جدولةَ انتمائي من تباريحِ القصيدِ

إلى تميمةِ أصغريكْ

سأموتُ من هذا الجوَى

من جرعةٍ فوق احتمالي بالهوى

خذني إلى ماء البلاد براحتيكْ

لأعودَ.. ما هاجرتُ.. يحملُني الولوعْ

خذني إلى ما شئتَ أو شاء القلوعْ

أحسستُ منذ اللحظة الأولى

بوقع اللا رجوع...

نحن بحاجة ماسة للشعر الحقيقي والأصيل، الشعر الذي يأخذنا إلى عالم الحب والجمال والمطلق، ويسافر خارج الوجود... لقد استطاعت ثقافة وعمق ووجدان ا بتسام صمادي استطاعت هذه الأشياء أن تطلعنا على خبايا كنوزها العامرة بحيوية الشعر والحياة، واستطاعت أن تهاجر بنا في عوالم الملكوت والأفلاك القصية، وأن تغمس ريشتها بشتى ألوان القصيد الجميل الجذاب... هي ترسم لوحاتها بإتقان وحيوية وأناقة تلك الأنامل التي تصوغ دررها من عالم الشعر الفاتن البهي:

لو تُساعدني لأخرجَ من مسامٍ تحتويكْ

وتخرجُ أنتَ من نبضاتِ قلبٍ

راقهُ السكنى لديكْ

وإنْ تأبى...

فنغشى ليلنا القَبَلي من

(بُصرى) إلى (حيفا)

وننجبُ للهوى نسباً وجاهاً من مشاعرَ

تعتريني - يا رهيفُ - وتعتريكْ

وبعد... فتلك إطلالةٌ على شعر يحمل الوطنَ والوجدَ في القلب شفيف كمياه الينابيع المتدفقة؛ دافئ كواحات الخيال المديدة، عذب كبردى، شامخ كقاسيون، مترف بالهيل والبداوة كأنسام الجنوب من بصرى ودرعا وفلسطين والجولان حتى تبوك ونجد والرياض... ابتسام صمادي روح الشعر، وضمير الوطن فلنبق عند (ماسٌ لها) نستحم بذلك العطر البهي الذي يهبُّ علينا بشفافيته وعذوبته الفاتنة؛ وسلام لك أيها الوطن السليب سلام عليك يا محمد الدرة من قلوب تذكرك ولا تنساك... ترى فيك التحرير القادم القريب:

صباح الخير يا وطني

صباح الخير يا شعبي

ويا أرضي ويا ديني ويا لغتي

سلامي من متاريس الرصاصِ

سلامي غصةٌ مرة

سلام محمد الدرة

هو الدم والماس والشعر وابتسام الصمادي، ووطن مازال وسيظل ينجب الطيورَ المغردة في واحاته المديدة من المحيط للخليج، وعلى امتداد أرض العرب.

- الرياض

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة