أحبها ولكن سطوتها تغيظني، أحبها ولكن يزعجني أنّ البعض يسمي ما لا يشبهها باسمها! أقترب من رف صامد في ركن دار نشر بهدوء وأمسك الكتاب بهدوء أكبر؛ قرأته سابقاً ولا جديد سوى أنّ اسم الفتاة السعودية على أي غلاف يوحي (بفوريةِ) تسابق فورية أجهزة الصراف البنكية بأنّ الكتاب حتماً رواية! ويبدو لي أنّ الاستفهام الذي ارتسم على ملامح مسئول مبيعات الدار كان كافياً لأن أصف حال المشتغل بالرفوف! تابعت ما كُتب عن ذاك الكتاب على صفحات الإنترنت ؛ قرأت لمن ينتقد ويهاجم ويقول كانت رواية ضعيفة، وقرأت من يمتدح وبتفصيل عجيب وهو يقول أيضاً كانت رواية ممتازة! لن أتساءل بسذاجة إن كانوا قرءوا الكتاب أصلاً فذاك سؤال غير قابل للمناقشة، فمن سيبدي رأيه فيمَا يجهله؟
ليس مهماً أن أضع عنوان الكتاب وليس مهماً إن كان أعجبني أم لا المهم أنه كتاب حمل الكثير من الرسائل الفكرية والتأملات والنقاشات التي لا دخل لها بأي شكل من أشكال الرواية، تفحصت الغلاف جيداً أيضاً لا وجود لكلمة رواية! يبدو لي أنّ المهم كل المهم أضحى مضي صاحب الرأي في إبداء رأيه بثقة، بل وانتقاد التفاصيل بناءً على الثقة أيضاً ، ولكنها ثقة بآخر قرأها أخشى أنه اعتمد على آخر أيضاً، ولا أريد أن أقول إنّ القائمة تطول.
هل هذه الحادثة الصغيرة كفيلة بأن تذكرني بتاريخ سعودي حافل بالفتاوى المبنية على سؤال مبني على الثقة أيضاً؟ وعلى ردود أفعال تجاه قضايا اجتماعية مبنية على ثقة، وعلى التوقيع على خطابات استنكار مبنية على ثقة، وعلى بعث الكثير من الرسائل البريدية البعيدة عن الحقائق ولكنها أيضاً مبنية على ثقة!
أخشى أنّ كل هذا يُسر لي بصوت خافت أنّ مسمّى ثقة يخفي خلفه بعض تكاسل، بعض اتكالية، بعض تثاقف، بعض تسليم، وكثيرُ عشق لكلمات (أعتقد، أرى، أفضل، برأيي، حتماً، قطعاً)، أليست كلمات أنهكت صفحات ضمها قاموسنا الثري، وأضجرت صفحات لم تُمس حوت كلمات مثل (سأبحث، لا أعلم، ربما، سأتأكد). بكتابة هذا المقال قاطعت قراءتي لرواية و أرجو أن تكون رواية، ولست مخطئة أنا أيضاً رغم أني في الصفحة الثلاثمئة والخمسين منها! ولكن من يدري؟
تلميح:
اختلفوا حول كون الترجمة خيانة للنص أم لا، ولكننا هنا نقرأ بلغتنا الأم ونخون النص بجدارة!
* * *
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة (sms ) تبدأ برقم الكاتبة 8337 ثم أرسلها إلى الكود 82244
الرياض
kimmortality@gmail.com