دراسة رائدة قامت بها الجزيرة الثقافية حول شخصية معالي د. غازي القصيبي الفكرية والأكاديمية والإنسانية وشهد العدد مساهمات رفيعة المستوى من مفكرين وعلماء وباحثين ومبدعين من جميع أنحاء العالم شهدوا لقامة هذا المفكر بما يستحقه وبما هو جدير به.. ثم جاءت دراستان عميقتان للعلامة المفكر الأديب والباحث العالم الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، فكانت إضافة مهمة عن شخصية القصيبي الإدارية والتنموية والإنسانية.. وما زلت من أشد المتابعين لأطروحات ومؤلفات د. غازي القصيبي وكان كتاب حياة في الإدارة أنموذجاً للوعي الإداري المحلي المتوج بالخلاص والعطاء والنزاهة والوطنية التي عرف بها القصيبي، لكن جاء كتابه المواسم كأحد أهم الكتب التي قرأتها -مؤخراً- فقد تكلم هذا الغازي لقلوبنا د. غازي القصيبي في هذا الكتاب بإنسانيته وتواضعه ومزجه بين الإبداع الفكري والثقافي والعطاء الإداري والتنظيمي.. فأحسن في كتابه في كل الأمور بتوفيق من الله وبعرض موفق بسيط هي نموذج حي ورائع لإبداع المثقف الوطني المخلص الصادق في شعره وأدبه وعطائه الإنساني والديني لدينه ووطنه وأمته.. حقاً لقد هزني كتاب المواسم ذلك الإصدار الذي حمل إصدارات دانة للدراسات والنشر عام 1427هـ حيث ناء د. غازي القصيبي بالسنين ولم يقدر على إنكارها عندما أحس بوطأتها في كل خلية من خلاياه، وعندما لم يحس في أسلوب حياته بأنه مختلف عن الآخرين. وهو يسأل والده: هل نحن فقراء؟ وعندها ضحك وأجابه نحن -بحمد الله- بخير.. ولكن لماذا تسأل؟ وعندها عرف أن الأب حرص على تنشئة بلا ملاعق من ذهب أو فضة، وقد نجح إلى حد كبير.
كتاب الموسم للدكتور غازي القصيبي فيه مرارة الموت، حتى بكى القارئ مع المؤلف، وفيه دهشة الموقف، حتى حمد الله أن هناك من يرى الحياة بهذا المنظار المتواضع، ومن حوله يستغرب من نوع السيارات التي تقل أولاده وهو بمثل وضعه.. وأن هناك من يحس بالبسطاء والآخرين ويعمل لخدماتهم ومساعدتهم لتطوير ذاتهم والرفع من مستوى تفاؤلهم ونظرتهم للحياة.
د. سعود المصيبيح