المسابقات التشكيلية هي شكل من أشكال خلق نوع من الحيوية والنشاط والتبادل الثقافي والمعرفي. هي شكل من أشكال استقطاب الفنانين للمشاركة والتعرف عن قرب نتاجاتهم الفنية ولعلنا في مثل آخر المسابقات التشكيلية التي شهدتها المملكة نجد استقطابا لبعض الأسماء المتباعدة أو المتوارية عن التواجد والحضور في النشاط والمعترك المحلي وأعني الفنان فيصل السمرة الذي منحته لجنتها التحكيمية جائزة أولى ضمن أحد الفروع كما كان حضور أو مشاركة آخرين قلما نجد لهم تواجد في العروض المحلية! والمسابقات التشكيلية بدأت بها المعارض الرسمية التي نظمتها منذ النصف الثاني من السبعينات الميلادية الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتخذت جميع معارضها هذه الصيغة التي كان لها أثر في دعم وتشجيع الكثير من المشاركين في المعارض وكانت مستقطبا للهواة ومحبي الفن وممارسيه للمشاركة والحصول على إحدى الجوائز. كانت المبالغ المالية المرصودة لهذه الجوائز تتناسب إلى حد ما مع تلك الفترة إلى أن أخذت الرئاسة في وضع تنظيمات جديدة فيما بعد وفي معارضها الأخيرة قبيل انتقال التشكيل إلى وزارة الثقافة والإعلام. كانت الرئاسة هي الجهة الحكومية الوحيدة التي أقامت معارضها بهذه الصيغة، لكن جهات أخرى كانت تلجأ إلى هذا الشكل لاستقطاب الفنانين على كافة المستويات فالخطوط الجوية السعودية ومن خلال ملونها كانت فتحت المشاركة للسعوديين والمقيمين. وللسعوديين فقط في مسابقة السفير وانفتحت على الخليج في الدورة الأخيرة باحة الفنون لكننا في مثل هذه المسابقات كانت اللجان التحكيمية على جهدها تقترب من مناطق ترضية يقتنع بها البعض وبنسبة اقل البعض الآخر وهذا الشكل هو الطبيعي في نتائج المسابقات فالبيناليات أحيانا تخضع لمواصفات بموجبها تمنح الجائزة لفنان من الدولة المنظمة وان قل مستواه. وإذا كانت النتائج التحكيمية مرضية بدرجة ما، فإن الآراء (الشخصية) قد تأتي مبنية عليها من حيث الرضا من عدمه، لذا نجد معظم الفائزين راضون بالنتيجة والعكس.
تستطيع المسابقات استقطاب الفنانين للمشاركة بل والعدد الأكبر من ممارسي الفن بناء على مقدار الجائزة وعدد الجوائز الممنوحة وبالتالي فالمسابقات التي نظمتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب كانت تجد إقبالا في البدء. كان هناك شبه اندفاع لها ومع توالي المسابقات (المعارض) بدأت قلة المشاركين بل إن البعض توقف عن المشاركات إلى أن أعادت النظر في قوانين الجوائز.
مسابقة السفير على سبيل المثال وكذا الباحة وأيضا ملون السعودية: لماذا هذا الإقبال الكبير عليها؟ ولماذا استقطاب أو جذب أسماء ابتعدت عن المعارض أو المشاركات؟
أعتقد جازما أن لهذا سببين؛ أولا: مقدار الجائزة (المالي) الذي يتحصل عليه الفنان مقابل الفوز، ثم القيمة المعنوية للمسابقة. وهو ما قد نجده أحيانا في بعض البيناليات التي تكون الجائزة في قيمتها المعنوية وليست المادية.
في البحرين مسابقة واحدة تقام على ضوء المعرض السنوي وفيه استقطاب لفناني البحرين بمستوياتهم وأعمارهم ما جعل الجهة المنظمة تُخضع الأعمال المقدمة للجنة فرز أولى وهذا يعني أن القيمتين المادية وهي الأولى فالمعنوية هامتان لكسب فنانين ومستويات جيدة، بل وتنافس على تقديم ما هو أحدث من نتاج الفنان الذي يطمح عادة إلى الفوز. مسابقة أخرى كانت تقام باسم المعرض الدوري لفناني مجلس التعاون الخليجي كانت نتائجها التحكيمية مبنية في الغالب على نوع من توزيع أو ترضية الدول المشاركة وبالتالي كانت المستويات غير مستقرة وان كان للمعرض مستواه الأقوى في بداية ظهوره. لا شك أن التحكيم إشكالية تخضع لكثير من الجوانب وإن سعت اللجان عادة إلى أن تظهر محايدة وبعيدة عن كل ما يمكن أن يوجه لها من انتقاد لمحاباة مشارك أو مجاملة دولة، وهو في الواقع ما يجب أن نفترضه.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244