أثناء زيارتي للشارقة لحضور بينالي الشارقة الدولي لفنون الأطفال في دورته الأولى، واستلام جوائز الفائزات، أثناء تلك الزيارة تشرفت بمقابلة حرم صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وهي بالفعل امرأة تحمل هم الوطن والرغبة القوية بتبني القضايا الثقافية والتربوية لمصلحة الوطن والمواطن، بصورة ذكرتني بعدد من الأمثلة الرائعة التي نراها في واقعنا المحلي من نساء يقودون النمو الفكري والثقافي من وراء حجاب.
وفي أحاديث سموها شدتني نقطتان وقفت عليهما؛ النقطة الأولى في تأكيدها على أهمية ربط المنتج الفني بالثقافة المحلية ومحاولة التجديد من خلالها. أما الجانب الآخر فهو أهمية الفن في التربية، حيث ذكرت أنه في فترة سابقة وبسبب العزوف عن الفن لانتشار الفهم الخاطئ لتحريمه أورث ذلك القساوة في الأطفال الذين أصبحوا رجالاً الآن مما جعلهم يتنبهون إلى أهمية العودة وبقوة لممارسة الفنون ليس عن طريق المنهج الاعتيادي في المدرسة فحسب، ولكن عبر برامج ما بعد المدرسة بهدف تفعيل ثقافة الفن وتوفير المجال المناسب لقضاء الوقت بدلاً من أن يقضيه الطفل أمام التلفزيون أو فيما لا ينفع، حينها عكفوا على إنشاء مراكز الأطفال والفتيات التي من خلالها تم العمل على تنمية الحس من جديد من خلال الفنون البصرية والفنون الآدائية.
(ياليت قومي يعلمون)، رددت العبارة بين نفسي وأنا أستمع لحديث سموها، حيث نعاني اليوم من ابتعاد البعض عن التراث على اعتبار أنه ممل وجهلاً منهم أن العبقرية في التجديد من التراث والثقافة المحلية وليس في استعارة ثقافة غربية!، فإن بدت جديدة على ثقافتنا فهي مملة للآخرين وتزاد مللاً بسبب الاستعارة أو النقل غير الجيد.
أما أهمية الفن في التربية فهناك ثورة تربوية تعليمية نشهدها اليوم، تتمثل في عدة نواحٍ منها تغيير المناهج ومعايير اختيار معلم التربية الفنية وهو ما تشرفت بنفسي بالمشاركة فيه مع هيئة متميزة، أما المناهج فيعمل فريق متخصص على تجديدها باستمرار، ونتمنى منها أن تراعى العناصر التالية أثناء هذه العملية، ألا وهي (الربط والتعميم والتشويق)، ونقصد بالربط ربط المادة بالفكر المحلي وتاريخ الفن التشكيلي السعودي، ومواضيع وأمثلة حية من ثقافتنا. أما التعميم فهي محاولة لتعميم المادة بطريقة تسمح للمعلم بتلبيسها وتشكيليها حسب البيئة التي ينتمي لها الطفل في المدرسة نظرا لتعدد البيئات في المملكة ما بين بيئة بحرية وصحراوية وزراعية وجبلية... إلخ.
أما التشويق فهو من خلال التنوع في المجالات المطروحة وفكر التجريب في الخامات والأفكار مما يثير العملية الابتكارية لدى الطفل فيكون مفكراً، ومبدعاً، وذا حس مرهف وذوق رفيع.