ارفع يديكَ عن الجبينْ
لا شيءَ في الطرقات أشسعُ
من غياب الآخرين..
ارفع سوادكَ والجبينْ
لا شيءَ في الظلمات ألمعُ
من حضور الغائبين..
فاترك صغار الحالمين، يسافرون إلى المسافات القصيرةِ
يطلبون من المضائق أن تفضفضَ بوحهم..
أو أن يكون من الفقاعات الشفيفةِ بهوُ موجٍ عارمٍ
أو أن تنامَ على اليدين الغضتين يدان قاسى منهما
قاموسُ من لم يُخرجوا الكلمات من بين الشجر..
كلا ولا تحتَ المطر
حتى ولا تحتَ الخطر
أبداً ولا بين الحصاة وبين ما ندعوه في رفقٍ: حَجَرْ
قسماً بمن خَلَقَ البَشَرْ
لم أستطع حتى اقتباس الحلم من طينٍ حزين..
قسماً بربّ العالمين
مازلتُ أنظر في ذهولٍ: كيف عاش الناسُ
منتظرينَ..
منتظرينَ..
منتظرينْ..
***
لكَ يا عذابُ من العذاباتِ الكتابْ
لكَ يا كتابُ من الكتاباتِ المؤجلةِ
الإداناتُ البريئةُ، مثلَ أخطاء الصوابْ
وليَ المشاويرُ التي
تجتثّني
من كلّ سربٍ..
ربما،
كيما أسيرُ إلى سرابْ.
***
وحدي أردِّدُ:
يا جيوبَ الماءِ في صحراء نائيةٍ
يقصُّ البردُ سُكّرَها المقصّب بالملوحات: اغمريني
مثلَ عودٍ أخضرٍ
كُسِرَتْ جذورٌ منه، ناشفةً، ولكن..
لم يزل أخضرْ.
هل قلتُ إني، يا جيوب الماء: قد كَبُرتْ رهاناتي
الصغيرة.. إنما
كانت خسارتيَ التي حققتُها أكبرْ؟!
***
في العدل.. في الميزانْ
لو لم يكن أحدٌ بأثقل من أحدْ
اثنان يرتفعان..
فهو السقوط إذاً لمثلك، طالما
قد كنتَ دوماً: لا أحدْ...
وسؤالك الحيران:
هل كنتَ، والميزان حتماً: لا أحَدْ.؟
***
قد قلتَ يوماً، لم يعد:
(ما عاد لي عذرٌ.. أخذتُ كفايتي)
هل كنتَ تعني أنّ للأعذار كفّاً
مثلما الأقدار..؟
هل كنتَ تطلبُ من لياليك التي عذرتكَ فيكَ
بأنّ تكفَّ عن البشارة بالنهار..؟
لا شكّ أنَ الغيمَ قاسٍ، إنما..
هو ذا المسارُ، يعود باستلهام ماءٍ راكدٍ
ويقودهُ استفهامُ نارْ..
فهو الخيار:
هل سوف يعجبكَ انطلاقٌ فاشلٌ، أو..
(كالرصاصةِ حين يكسرها الجدارْ)؟
أم سوف يفجعكَ انهيارٌ، ثم تقترحُ انتظاراً،
ثم تحتملُ انهياراً، ثم يتعبكَ انتظارٌ سوف يتبعه انتظارْ..؟