Culture Magazine Monday  21/04/2008 G Issue 244
فضاءات
الأثنين 15 ,ربيع الثاني 1429   العدد  244
 

صورة العرب في السينما الأمريكية بعد عصر الاستشراق «6»
د. سلطان سعد القحطاني

 

 

الخلاصة

وبعد أن وضعت القلم بعد رحلة شاقة، في بحث لم أعهد مثله في حياتي الأكاديمية، فلم أدر من أين أبدأ، ولن أدري كيف أنتهي، بحث يشبه كرة الثلج، كلما زاد عليها اللعب زادت حجماً، فلم ندر من أي جهة نأتيها، فالبحث في الاستشراق، وفي موضوع ليس هدفه الاستشراق بعينه أصعب كثيراً من بحث في جزء من الاستشراق، وليس من سبيل أدخل عن طريقه غير هذا السبيل المتشعب، وليس هدف بحثي- هذا- استقصاء الاستشراق من منظور ديني، ولا سياسي، ولا اقتصادي، بل إظهار الصورة الرديئة التي يقوم الإعلام السينمائي في أمريكا بوضع العرب في إطارها، لكن لا بد أن نعود إلى جذور هذه القضية بعد عصر الاستشراق، وبما أننا ندرس هذه الظاهرة، فلابد لنا من العودة بها إلى جذورها الأولى عند المستشرقين الرحالة، والرحالة العسكريين والجواسيس، وقد حاولت أن أعطي لمحة- ولو سريعة- عن أهداف الاستشراق، ومقصد المنظرين لهذه الانطباعات، ولماذا العرب، ولماذا لم تتغير النظرة الكلية لهذا الجنس من البشر!!، فكلما عتقت صورة جددت بأسلوب آخر، والهدف الأول احتلال هذه البلاد من قبل الأمريكي، وريث الأوربي، على أن أهلها قوم لا يستحقون القيام بأنفسهم بلا وصي أجنبي يملك وسائل القوة، من كل النواحي؛ وقد يتردد السؤال التالي، من ضمن أسئلة كثيرة يحتار المرء في أيها الأَولى بالتقديم، ما جدوى هذه الصور التي تعرض بين الحين والآخر، ولا يكاد فلم من أفلام هوليود من شخصية عربية شريرة في نظر منتج ومخرج الفلم؟؟، هل أن هذه أمة قاصرة تحتاج إلى ولي، والولي الأمريكي والأوروبي، ولا أحد غيرهما؟، أو أنها أمة فاسقة تجب محاربتها؟؟، أو أنهم سفهاء يجب حجرهم بالقانون العسكري؟؟، لماذا تقدم الروايات والكتابات التي تقلل وتسيء للعرب، ولم تقدم الروايات التي تنصف العرب؟، مثل كتابات بعض المستشرقين المنصفين، من أمثال: آرثر جون آربري، الذي ترجم روائع الأدب العربي، مثل مسرحية مجنون ليلى لأحمد شوقي، وأثر في طه حسين، وترجم معاني القرآن الكريم، لماذا لم تذكر كتابات المنصفين من رواد الاستشراق العلمي المعتدل، كار ليل، وجوستاف لوبون، والكثير على هذا المنوال؟؟، لا أظن أن العالم اليوم سيصدق هذه الأساطير البائدة، ولو تحامل بعض المغرضين من أبناء العالم العربي العاقين، الذين يظنون أنهم سيكسبون ثقة من يجاملونهم، فقد سقط العراف، كما تقول العرب؛ وقد حاولت أن أقدم صورة عن دواعي إنتاج مثل هذه الأفلام ووجدت المخرج العربي، جاك شاهين خير نموذج يقدم في ورقة مختصرة عن بحث طويل وشاق، حول هذه القضية، وإن كان المستشرقون المتعصبون دينياً قد فشلوا في هذا المشروع، بالرغم من الجهود المضنية التي بذلوها وتحولت مجلتهم العالمية إلى مجلة علمية متزنة، يشارك فيها المسلمون، بل صاروا يحررونها، فإن دعايات مغرضة مآلها للفشل، ومهما تذرع المنتجون للسياسة الأمريكية بالأعذار، مثل الحادي عشر من سبتمبر، فقد برهنت أن العداء كان قبل ذلك التاريخ؛ وقد استغلت كل الوسائل الاستخباراتية، ولم يبق منها إلا استغلال طلاب الدراسات الجامعية، الذين يجمعون مواد عن بلدانهم ويقدمونها أطروحات لنيل الشهادات، ولذلك يلومهم إدوارد سعيد على ما يقدمونه، وقد التقى عدد من الطلاب العرب اللبنانيين الذين يعدون رسائل جامعية حول لبنان وقال:(لماذا لا تكتبون عن لبنان عندما تكونون هناك، أما في أمريكا فإن عليكم أن تكتبوا عن أمريكا، لستم هنا لكي تكتبوا عن أنفسكم…هنا يتوجب عليكم أن تشاركوا في الجدالات الدائرة حول أمريكا)، وفي هذا الصدد نجد أن الكثير من طلاب الدراسات العليا يقدمون معلومات ستؤخذ بعين الاعتبار لتغيّر إلى هدف سياسي مؤدلج؛ وهذه الرسائل عن بلدانهم، خاصة بالعلوم الإنسانية، وهي تشبه المعلومات الاستخباراتية، حيث يكون الطالب المسلم أكثر قدرة على تحصيل المعلومة من الباحثين الأجانب، بالإضافة إلى أن الطالب الذي يعد رسالة جامعية بعيد عن الشكوك. وهذه المعلومات التي أوردنا بعضها وتركنا الكثير لضيق المساحة، لم تعد خافية على أحد، لكن إلى متى سنبقى ننقلها ولا نفعل شيئاً؟؟، من وجهة نظري: حان الوقت لنكن أكثر جدية ولنثبت للعالم أننا قادرون على فعل ثقافة عربية عالمية، لو اتخذنا الخطوات التالية:

1- الثقة بأنفسنا قبل كل شيء، نعتز بلغتنا، ونعيد قراءة تراثنا بأسلوب جديد عصري متفاعل مع الثقافة العالمية، في هوية عربية واحدة.

2- إيجاد إعلام عربي معتدل، يقوم عليه محترفون، يناقشون القضايا بعقلية علمية.

3- إصلاح الأخطاء الاجتماعية والفكرية، والانفتاح على الآخر.

4- الاهتمام بالمناهج المدرسية وتعليم الجيل طرق الحوار البناء.

5- الدفاع عن حقوقنا المغتصبة بالطرق العلمية الحديثة، عن طريق هيئات معترف بها في المحافل الدولية.

6- متابعة المستجدات العلمية والاستفادة منها في مجالات البحث العلمي.

وبعد: فقد حاولت أن أعطي صورة -ولو موجزة- عن الأكاذيب التي تحاك ضد العرب منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم، يصدقها السفهاء والعملاء والجهلة، وعرضت في هذا البحث مختصرات من الأهداف الدينية والعلمية والثقافية، وماذا حصل بعد الحادي عشر من سبتمبر، على أنه سبب مفتعل، وأن الأطماع كثيرة، والآخرون يعملون، وعلينا أن نعمل، وكل باجتهاده؛ فإن وفقت فذلك من عند الله، وإن لم أوفق، فحسبي أنني حاولت، ولكل مجتهد نصيب، والله من وراء القصد.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5703» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض dr_sultan3@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة