Culture Magazine Monday  21/04/2008 G Issue 244
فضاءات
الأثنين 15 ,ربيع الثاني 1429   العدد  244
 
هل السبيل على حق؟
(غلطة الشاطر بألف يا دكتور).!
سهام القحطاني

 

 

تعجبت عندما قرأت التصريح الأخير للدكتور السبيل الذي يتهم فيه المثقفين القائمين على إدارة الأندية الأدبية بالإخفاق الإداري، أقول تعجبت لأن الدكتور السبيل بطبيعته رجل مسالم ومجامل؛ لأنه يريد أن يكون صديقا للجميع، وهو بلا شك حر في اختيار منهجه الإنساني للتعامل مع الآخرين، لكن عندما تكون مسئولا فالحرية تلك يجب أن تكون مشروطة بالمصلحة العامة، والموضوعية والمصداقية، ومثل هذا التصريح من قبل الدكتور السبيل قد يسبب له الكثير من (صداع الرأس)، لكنه في المقابل سيحافظ على بقية موضوعية ومصداقية وزارة الثقافة والإعلام أمام المشهد الثقافي، وهو يرى التراجع الثقافي الملحوظ للأندية الأدبية، أو قل سوء إدارة الأندية، كما سيفتح الباب على مصراعيه للحديث عن تجديد غايات الأندية الأدبية، ومعايير اختيار القائمين عليها، وقد يصل الأمر إلى المطالبة بإلغاء الأندية الأدبية وتبديلها بقنوات ثقافية أكثر مرونة وعصرية.

و قد حمل التصريح نتيجة، تنبأ بها الكثير من المثقفين منذ بداية التغيير الذي حدث للأندية الأدبية، وإن كانت هناك صدمة أصاب بها هذا التصريح البعض فهي تعود إلى (طبيعة المصدر) الذي أُعلن من خلاله، كون الدكتور السبيل يمثل (المؤسسة الثقافية الرسمية) وليس مجرد رأي لمثقف.

ولعلها المرة الأولى التي تتجاوز فيها وزارة الثقافة والإعلام دبلوماسيتها المعهودة وإشادتها المستمرة بمجهودات الأندية إلى نقدها بصورة جريئة ومباشرة، كما فعل الدكتور السبيل، وهو ما يستحق عليه أن نقول له لأول مرة (برافو يا دكتور) وهو تحول محمود حسبما أظن، ودافع لتحسين جهود الأندية الأدبية.

أما فيما يتعلّق بالتصريح ذاته، فلا شك أنه يحتمل الكثير من القراءات والتأويلات، منها الاعتراف المبطن بسوء اختيار الوزارة للقائمين على إدارة الأندية الأدبية، أليسوا من اختيار الوزارة؟.

فهل هذا التصريح اعتذار رسمي عن ذلك الاختيار السيئ للقائمين على الأندية الأدبية؟

وإن كان كذلك، فهو لا يحمي الوزارة من المساءلة لأنه خطؤها أولا قبل الآخرين، فهي من وافقت على ترسيم القائمين وأحيانا هي من رشحت من تتهمهم اليوم بالإخفاق الإداري.

وتعبير الإخفاق ليس تجريحا للقائمين على الأندية وليس هذا بالتأكيد ما قصده الدكتور السبيل، بل يعني أن الرجل (غير المناسب في المكان غير المناسب) أي عدم قدرة لكفاية القائمين على استثمار الأندية الأدبية في إنتاج مشاريع ثقافية، ولعل الخطأ الذي وقعت فيه الوزارة أثناء اختيارها للقائمين على الأندية الأدبية، هو إغفال خاصية(القدرة والكفاية) على التخطيط الإجرائي وصناعة المشروع الثقافي، أمام حضور خاصية (الكفاءة الثقافية).

ويعلم الجميع أن (الكفاءة الثقافية) لا تضمن القدرة والكفاية على التخطيط الإجرائي والرؤية التنويرية ومنهجة المشروع الإصلاحي الثقافي، ولعلي لا أبالغ إن قلت إن المثقف- أقصد المثقف المبدع لا المثقف المفكر- لا يستطيع تخطيط وقيادة المشروع الإصلاحي الثقافي، لأن طبيعة تفكيره لا تتوافق مع طبيعة التفكير التخطيطي والإداري، فهو يستطيع أن يُنظّر، لكنه لا يستطيع أن يخطط ويصنع مشروعا ثقافيا، فليس كل مثقف مهما بلغت كفاءته الثقافية هو بالضرورة (إداري وقيادي ومخطِط) ناجح، وهذا ما يجب أن تضعه الوزارة في اعتباراتها في الدورة الانتخابية الثانية، إضافة إلى إتاحة الفرصة لغير المثقفين بالمشاركة في انتخابات الأندية، أي تطعيم القائمين على الأندية بكوادر إدارية متخصصة تترأس الأندية، فعندما يثبت المثقف إخفاقه في الإدارة فلا ضير في تجريب إداري متخصص لقيادة الأندية محاط بمثقفين لا يتجاوز دورهم مرتبة الاستشارة.

ولعل هذا التصريح قد يكون تلميحا إلى وضع آليات جديدة لاختيار القائمين على الأندية الأدبية في الدورة الانتخابية الثانية، وعدم تكرر الخطأ في تسليم إدارة الأندية لمثقفين لا يحملون ولا يحلمون بأي مشاريع ثقافية تنويرية تطور من غايات الأندية الأدبية.

وقد يكون هذا التصريح أيضا تمهيدا لإلغاء الأندية الأدبية واستبدال مراكز ثقافية بها، فيصبح الإخفاق وضعف الناتج مبررا للتبديل.

ولا شك أن تصريح الدكتور السبيل حرك المشهد الثقافي سواء ضده أو معه حركة كنا نحتاج إليها، أضعف إيمانها لإثبات أن الوزارة ليست نائمة على أذنيها وأنها مدركة ما يحدث، وإن وظيفتها أعمق من السفر وافتتاح الملتقيات والمعارض الثقافية والتصريحات الباهتة، إضافة إلى فتح المجال للحوار في مستقبل الأندية وجدية التغيير ونوعيته التي بشّرت به الوزارة في بداية حملة التغيير الإداري لها، فمن الشجاعة أن تعترف الوزارة بأخطائها.

ودراسة إمكانية إلغاء الأندية الأدبية وتبديلها بمراكز ثقافية تتمتع باستراتجيات أكثر شمولا وعصرية وتنوعا في الإدارة، وهو ما قد يدفع إلى إعادة ترتيب قنوات المشهد الثقافي ومحركاته.

على العموم لا يسعني إلا أن أقول (غلطة الشاطر بألف يا دكتور). !

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7333»ثم أرسلها إلى الكود 82244

- جدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة