ربَّما كان الذي رأيته في الحلم ليس سوى بقايا منها! ربَّما هي القصيدة، القصيدة التي قاومتها دون وعي مني، القصيدة التي كانت تلح ودونما انتباه مني ألجمتها، ولم أسمح لها بأن تكون، يبدو أنها وجدت طريقة أخرى للفت انتباهي، وتمكنت مني حينما كنت خارج السيطرة على نفسي؛ إذ حينما نمت بادرت لإظهار نفسها كحلم أو هذيان!!
هل الأحلام قصائد مقموعة أو مهملة لم تستطع إيصال صوتها إلى أحد من الصاحين؟ هل نحتاج إلى النوم الذي يجعلنا حنونين ومسالمين وصامتين وقادرين على استماع ما نحاول في الصحو أن نتجاهله؟ نحن في الحلم - إذًا - لا نحرر القصائد .. القصائد تحررنا!!
إليكِ إذاً القصيدة أو الحلم، وحاولي أن تري بعدئذ طريقاً للعودة إليك: كانت المرأة في غرفتها، وكأنما المكان بلا هوية، أما الزمن فلا وجود له، فجأة تُؤخذ بمنظر حقل غارق في الخضرة وتدرّج مساقط الضوء على أفق مُشع فسيح الجمال يدعوها المنظر كالمنومة مغناطيسياً إلى الخروج إليه، تخرج وقد بهرت تحديداً بفراشات بحجم غير معتاد، جميلات النقوش رائعات الألوان، أجنحتها تبدو أكبر من حجم الكف (هل رأى أحدكم فراشة بهذا الحجم؟) تقبض بنعومة وهدوء على واحدة بأطراف أصابع يدها اليسرى، تسير بها بنشوة من حاز دهشة النظر والإحساس بالاقتراب من هذا الكائن الفريد الجميل، تسير والفراشة بين الأصابع تحاول (غير جادة) الإفلات. لم تكن المرأة بحاجة لأي جهد للإبقاء على الفراشة بين أصابعها، كانت تسير بفرح ونشوة وخفة متجهة إلى غرفتها، وفجأة اكتشفت أنها لم تعد تعرف طريق العودة إليها!! سألت بعض الجالسين في البهو عن سجاد أحمر ممدود في الطرقات والردهات لم يكن موجوداً قبل خروجها إلى الحقل فأعلموها بأن الطريق تغير (هكذا فجأة) وأن عليها أن تأخذ طريقاً متعرجاً جانبياً أو عليها أن تأخذ المصعد، هي التي كانت تنساب بنعومة جيئة وذهاباً بدون مصاعد صار عليها أن تصعد وتهبط لتصل إلى غرفتها التي تعرف يقيناً أنها لا تحتاج إلى ذلك الالتفاف!! صعدت مضطرة؛ فقد كانت بحاجة لتعود لتنفرد بما تحمل من سر الجمال، صعدت وهي مشغولة بارتباكها بما بين أصابعها وبما تحمل من متعة الجمال وسره، كانت مشغولة بالفراشة عمن حولها من الأشياء والناس. وفي المصعد وحينما ازدحم بالناس تحولت الفراشة فجأة إلى شال من الحرير والمخمل والقطيفة بألوان الأحمر الناري والعنابي والذهبي، توشحت المرأة بالشال وحينما انفتح المصعد، واندلق الناس في الفسحة الأمامية وقفت تطلب من إحدى السيدات أن تساعدها في أن تمسك بيد الطفلة الصغيرة ريثما تتمكن هي من إصلاح وشاحها، لكن الوشاح لم يكن هناك، كان قد تحول إلى تلك الطفلة الصغيرة التي أخذت السيدة تسألها عنها: من هي؟ ابنتك؟ أختك؟ ولم تكن لفرط دهشتها تعرف كيف تحول، ولا من هي الطفلة، لكنها بلمح البصر اتشحت بالطفلة الفراشة، ومضت تبحث عن غرفتها، واستيقظت، ولم تصل!!
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتبة«7845» ثم أرسلها إلى الكود 82244
- الرياض
Rafef_fa@maktoob.com