حرية العصيان اخترقت جدار الأمن والأمان.. لم تعد تخشى أو تخاف.. ذابت قواعد الأنظمة التي كانت لها بالمرصاد.. استسلمت دون حرب.. ورفعت أمامها الرايات البيضاء رغم فداحة أخطارها على الجنس البشري وتداعياتها على البنية الاجتماعية والسلوكية..
إلى زمن قريب كانت المخدرات بكل أصنافها تقع تحت مظلة المحظورات، وتحت طائلة العقوبات إلا أن الخرق المتسع على الراقع وأصبح الحشاشون يمارسون هوايتهم في حرية وبمنأى عن المساءلة والعقاب.. بل إنهم في أمريكا مثلا يتعاطون تحت سمع وبصر رجال الأمن إلى درجة تواجد نوادي مخصصة لتعاطي الماريجوانا المستخلص من نبات القنب.
بعض الولايات المتحدة أباحت الحشيش بعد أن أدلى سكان ولاية كاليفورنيا بآرائهم في استفتاء تم منذ خمس سنوات يقضي بحيازة وزراعة نبات القنب بناء على نصيحة طبية إلا أن المحكمة الأمريكية العليا رفضت السماح باستخدامه.. درءا للمخاطر التي يوصل إليها.
ومع هذا.. ومع وجود هامش من حرية التعاطي إلا أن أجراس النذر تدق بعنف في وجه المجتمع الأمريكي بعد أن تحولت حدوده إلى ما يشبه جسورا ومعابر لتهريب كميات مهولة من المخدرات بكل أنواعها تتلقفها الأسواق.. ويتعاطاها أعداد غفيرة من الناس في ظل مناخ متسامح لم تتمكن القوانين الفيدرالية من ضبطه وإحكام السيطرة عليه.
ثلاثة عشر طنا دفعة واحدة من الكوكايين أمكن ضبطها داخل غرفة سرية تحت سطح قارب صيد على بعد مسافة من سواحل سان ديجو.. قدرت قيمتها بنصف مليار دولار.
لم تكن أمريكا التي تواجه مخاطر القتل العمد بهذه السموم البيضاء.. أوروبا.. أمريكا اللاتينية.. شرق آسيا.. والبعض من عالمنا العربي للأسف الذي وقع ضحية لتجار السموم ربما لشرخ في عقيدته وربما لوهم دفن الهموم في سحابة دخانه.. وفي كلتا الحالتين أشبه بعملية انتحار لقيمته ولقيمه وعملية إفلاس رخيص لماله ولآماله.. وعملية تغييب لعقله.. ولا شيء بعد ضياع العقل.
***
لإبداء الرأي حول هذه المراجعة، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب «5621» ثم أرسلها إلى الكود 82244