طالت غيبة (أبي مازن)، وكنا ننتظر صدور (سيرته الذاتية) التي ربما كانت سبباً لابتعاده، لكنها لم تأت، ولا هو عاد.
(عبدالجبار اليحيا) مثقف قبل أن يكون فناناً، وإنسانٌ معهما وبعدهما، وتمتلئ بخلقه، وتتأمل إبداعه، وتحس أن الزمن يتوقف عند الكبار فلا تدق ساعاتُه في حضرة من يمتلك الحس والذوق والتميز والجمال.
مسيرة (الثقافية) تعتد بأستاذنا عبدالجبار قبل أن تكون ثقافية، وفي إرهاصات البدء، كان لأبي مازن مقترح بأن يكون (الملحق الثقافي الأسبوعي)، مميزاً بشكله الإخراجي داخل الصحيفة، وتطورت الفكرة لتصبح هذه المجلة التي صدر منها (252 عدداً) في ستة أعوام.
(عبدالجبار) نأى عن احتكارات الوسط الثقافي وتحاسداته، ورفع ذاته فوق إحن المثقفين وأنواتهم، ولم يُدخل في حساباته - معادلات: الفرز والرّز والإدناء والإقصاء، وركز عمره في عمله: راسماً خيوط الشمس، مفصحاً بصوت الهمس، شاعراً بألق وجه التجلي الذي لا يراه المنطفئون.
عبدالجبار رائد لم يتنكر لجيله ومرحلته؛ فظلّ صادقاً إن قال وإن سكت، قريباً إن دنا وإن نأى، وفياً ولو واجهه الهجر أو تجاوزه الشكر.
.. أبو مازن
رمزٌ ثقافي نادر، شاء التواري لكننا نراه.