من لا يعرف منيرة موصلي فهي ببساطة رائدة من رواد الفن التشكيلي في المملكة ورمز من رموزه، وتجربة غنية لابد أن يستفيد منها دارس تاريخ الفن المحلي لما تميزت به رحلتها الفنية انطلاقاً من الاكتشاف المبكر لرغبتها الجارفة في ممارسة الفن التشكيلي في مجتمع لا يعي معنى الفن! حين بدأت باكراً مرحلة الاكتشاف والرغبة القوية لممارسة الفنون التشكيلية وهي في مكة، ولم تستطع عائلتها التي استهجنت مثل غيرها من أفراد المجتمع في ذلك الوقت ممارسة مثل هذا النشاط، بل وزاد من صعوبة الأمر ندرة الخامات والمواد والأدوات لممارسة الفنون مما جعلها تستخدم خامات الحياة اليومية أو تلك التي يستخدمها الحرفي والصانع فكانت تبحث في كل مكان وعن أي شيء لتحوله إلى عمل فني.

وموصلي لم تكن يوماً تقليدية في طرحها فكان التجريب ديدنها في الموضوع والخامة، ولم تترك مجالاً أو باباً للرؤية الفنية لم تتطرق له، حيث تقوم بدراسة موضوع والبحث فيه وإنتاج الأعمال حسب ما توصلت إليه من نتائج لذلك البحث ثم أضافت له من فكرها الابتكاري في الموضوع وأسلوب الطرح، بل نستطيع القول إنها تمردت على المجتمع من أجل قيمة نوعية للفن التشكيلي المحلي، وأضافت لذلك دراسة أكاديمية شكلت قاعدة تنطلق منها لتجاربها التشكيلية.

كانت بذلك فخراً لثقافتنا البصرية المحلية، حين قامت بتمثيل الوطن تشكيلياً في عدد من المحافل، كما أن دورها تعدى العرض في نطاق الفن للفن إلى خدمة المجتمع والطفل والعمل التطوعي من خلال هذا المجال.

قدمت موصلي خلال رحلتها التشكيلية مسيرة حافلة بالإبداع لم تنضب بعد، ولا تزال تمارس الإبداع حيث تقيم حالياً في مملكة البحرين ولا يفصلها بالطبع عن السعودية سوى بضع كيلومترات عبر جسر الملك فهد، كما لا تنقطع عن الزيارة المتواترة ليس للمنطقة الشرقية فحسب وإنما لجميع مناطق المملكة لحضور المناسبات أو المشاركة في الأنشطة.

وعن أسباب ما يمكن أن يسمى بالهجرة (وإن رفضت موصلي هذه التسمية) تذكر أن مردها سهولة ممارسة الفنون والتنقل إضافة إلى خصوبة وثراء البيئة الثقافية في البحرين، كما أن القرب الجغرافي لا يمنعها من التواصل مع جذورها في المملكة سواء في مكة مسقط رأسها ونشأتها أو في المنطقة الشرقية حيث سكنت وعملت فترة طويلة لدى شركة أرامكو، حيث نشطت في المجال الفني ولعل أبرز إنجازاتها الفنية إشرافها على المسابقة الشهيرة لرسوم الأطفال لفترة طويلة.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتبة«7816» ثم أرسلها إلى الكود 82244