الدور الذي تقوم به قاعات العرض في المملكة غالبا ما يكون تنظيم المعارض الجماعية وأكثر منها الفردية، ولعلنا منذ بدايات هذه القاعات نجدها ملتقى للفنانين التشكيليين.
القاعات هي الأماكن الأنسب لذلك بعيدا عن القاعات المنفصلة الأخرى التي لا تصلح في الغالب لتكون مقار لمناقشات أو محاورات حول تجربة ما أو قضية فنية على سبيل المثال، فهي المكان الأنسب إذا توفرت المساحة الكافية لاستيعاب الحضور من الفنانين والمهتمين، والعدد القليل عادة ما يمثل حضورا مثل هذه الحوارات، وبعيدا عن الدخول في جوانب تتعلق بمحدودية التواجد والاستجابة للدعوات حيال الأنشطة المنبرية في المجال التشكيلي إلا أنها الشكوى القديمة.
القاعات التشكيلية غالبا تعمل بحسب إدارتها وأهدافها سواء الربحية او خدمة الفن التشكيلي أو الاثنين معا، ولذا فإن أنشطتها تتراوح بين الاستمرارية والتواصل، وبين المحدودية علنا نجد في مدينة جدة المثال الأوضح لذلك، لذا فإن بعضها سرعان ما يقفل أبوابه، فالتكاليف أحيانا تقف واستمرارية القاعة وأحيانا الرغبة في ربح كبير إلا أن مبدأ التسديد والمقاربة قد يكون هو الأكثر عملية عند بعض القاعات فتكون الأنشطة عادة متفاوتة المستوى وأحيانا متباينة.
لا أريد الخوض في مثل هذا الجانب لأن الحال التشكيلي هنا يعتمد على جوانب بينها العلاقات والتأثير على الزبون واسم الفنان، ثم المكان نفسه فقد استطاعت بعض القاعات أن تكوّن علاقات جيدة بالوسط الاجتماعي والفني، وبالتالي فإنه تتراوح الفعاليات او الأنشطة بين قاعة وأخرى، ففي جدة قد نستطيع الاستدلال على أن بعض القاعات تتواصل أنشطتها (المعارض) طيلة العام، بل أجد أغلب الفنانين يحرصون على العرض في بعضها والسبب اعتقده استجابتها لمطلب الفنان في حين تكتفي الأخرى بنشاط محدود طيلة العام كمعرضين أو ثلاثة أو أقل من ذلك أحيانا، لأن هناك مشاريع فنية أخرى تعتمد عليها القاعة.
ظهرت في الأعوام الأخيرة قاعة حوار في الرياض والقاعة الآن من الأماكن الفنية الهامة على مستوى المملكة فقد وضعت في برنامجها أنشطة منبرية وقد دعاني مدير القاعة منذ أشهر للمشاركة في مثل ذلك وأكده لاحقا، وبالتالي فقد تستمر مثل هذه الأفكار الهامة ومعها يكون إضافة القاعة لنشاط مهم بجانب العروض المشتركة التي تهتم بها أكثر او الفردية التي آخرها معرض الاماراتي عبدالقادر الريس. ولعلني ألمح أن برامج القاعة ستزداد إلى أبعد من إقامة المعارض التي بدأتها عربية شارك فيها فنان سعودي واحد وهي الآن تقيم منتخبا لمقتنياتها في خطوة أولى بعد عروض مشتركة محدودة منذ قرابة العامين.
هناك بالمقابل نشاطات أخرى تتمثل في تكوين مجموعات فنية ، أهمها مجموعة المنصورية للثقافة والإبداع وهي تتعدى السعوديين إلى العرب وكذا مجموعة كندة التي نظمت عروضا في بعض البلدان الأوروبية، بالتالي فإن مثل هذا الإسهام سيكون إضافة حقيقية في ساحة الفن التشكيلي السعودي، ومحفزا للفنان التشكيلي.
وإذا أخذنا على سبيل المثال بعض الجهات الأخرى التي تنظم معارض مختلفة على مستوى المملكة فإن هذه العروض قد لا تتعدى المبدأ التجاري وهو لا يمثل الإضافة إلا بمقدار المستوى الفني الذي تطرحه القاعة.
لعلنا شاهدنا بعض المعارض في أكثر من مدينة ومقدار ما تطرحه من تفاوت، مرجعه مقدار علاقتها بالوسط عامة ومن عدة جوانب.
كانت هناك قاعات في الخبر وجدة والرياض تميل بأنشطتها إلى المستوى الفني واسم الفنان وهو ما يضيف ويكون فعلا حقيقيا ورصينا يمنح الحركة التشكيلية في المملكة بعدها الثقافي والتاريخي لعلنا بالمقابل نلمس جهدا لقاعات عربية أخذت بدور أشمل نحو الفن التشكيلي في بلدانها، فقاعة مثل أيام في سوريا أو غيرها بدأت في أن تتخذ المبادرة لتكون إضافة فعلية بتبنيها معارض وأنشطة أخرى (مطبوعات وحوارات) وغيرها في الداخل والخارج ليبرز اسمها بسرعة.
لا أريد أن أبتعد كثيرا عن المملكة لأن هناك من البوادر الإيجابية ما يشجع على تواصل الاهتمام والتحفيز والمنافسة وأن على خلفية لفائدة العامة للقاعة كما هي للفنان، وبالتالي انعكاس ذلك على الساحة والمجتمع.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتبة«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244