(جمالية الرسم الإسلامي) كتاب صدر 1979، يتكون من 75 صفحة ترجمه وقدم له الشاعر والناقد التونسي علي اللواتي. أما الكتاب الأصلي فهو رسالة بعنوان (جمالية الفن الإسلامي: الرسم) لألكسندر بابا دوبولو، ناقشها في جامعة السربون سنة1971 وتقع الرسالة في ستة مجلدات 1959 صفحة وتحتوي على881 لوحة بجانب رسوم بيانية وخرائط.
أهمية الكتاب تكمن في الإلمام بجوانب الرسم عند المسلمين وتحليلها ومقدار ما تميزت به تجاربهم في سياق النهي عن تصوير ذات الأرواح ومشابهتها ومن جانب آخر، فقد وضع تصورا تحليليا للأعمال الفنية التي رسمها فنانون مسلمون قدماء وكانت آراء دوبولو مع اختلاف اللواتي مع بعضها تقدم أفكارا جديدة. المؤلف يضع سؤالا هاما: هل يوجد رسم إسلامي؟ متسائلا ما المقصود بالرسم الإسلامي هل هو الرسم الممارس بداية من الفتح العربي في المناطق الخاضعة للإسلام. مضيفا تساؤلات أخرى هل تسمى الأعمال إسلامية إذا كان منجزوها فنانين اعتنقوا هذا الدين. وهل يسمى العمل الفني إسلاميا إذا كان موصى بإنجازه لحساب رجل مسلم أو معتنق الإسلام؟
يرى دوبولو أن عقيدة صاحب العمل الفني لا دخل لها في الموضوع، لذلك فإن حكمه ينبني على الأعمال نفسها والسمات الموضوعية التي تبديها حتى نحكم بمطابقتها لمقتضيات جمالية إسلامية باحترامها الأساسي لتحريم محاكاة الكائنات الحية والطبيعة بصورة عامة.
الدراسة يعتبرها المترجم - في تقديمه - مرحلة هامة من مراحل استكشاف التراث الفني الإسلامي ومحاولة فهمه عميقا انطلاقا من معطياته المتفردة ومنطقه الخاص. ينتقد المترجم رأي دوبولو حول الفن بالنسبة للمغرب الإسلامي (بلاد المغرب والأندلس) معتبرا رأيه أكثر بعدا عن الواقع التاريخي لندرة التصاوير في شمال أفريقيا والأندلس رغم ما عرفته هذه البلاد من تقدم حضاري لا يمكن تجاهله.
أما في المشرق فإن المؤلف ينفي تكوّن وتطور جمالية إسلامية في حين عرفت حيالها آراء متناقضة حول التصاوير.
عن الرسم الإسلامي لا يرى المؤلف نقلا دقيقا لهذا العالم بل صيغة تصويرية تنطلق من عناصر الواقع المحسوس لا محالة ولكن لتوظفها في بناء ايقونوغرافية نموذجية تحاول التعبير عن حقائق مطلقة أو أحداث روائية أو غيرها عن طريق التلميح والرمز دون اهتمام بتصوير الأحداث والأشياء كما تجد فعلا في الواقع أن علاقة الرسام المسلم النوعية بهذا الواقع تنتهي مباشرة بالصورة إلى وجود موضوعي خارج كل محاكاة للعالم المادي فتبدو شخوص المنمنمات كأنها محض أرواح أو نماذج مثالية أو رموز تتحرك فوق خلفية فردوسية وتحت سماء ربيع دائم وليس من الضروري تفسير هذا الأسلوب غير الواقعي من خلال افتراض (حيلة واعية) يحتال بها الفنان المسلم ليفلت من الحظر على التصوير.
يشير أن ما يجعل الرسم مشروعا حقا هو أن الفنان ونصير الفن يعلمان أن الحكاية المصوّرة والعالم الممثل لا يشكلان الجوهر الحقيقي للعمل الفني، وان هذا الجوهر يقع في مستوى الوجود المستقل للأشكال والألوان (مجمعة حسب نظام معين)، وان الفنان يجد متعته في الإحساس بالغموض وفي التضاد بين العالم الممثل وبين الوجود المستقل للصورة إنها -برأي دوبولو - المتع الخالصة للمريد الذي يرى جمهور الناس تستوقفهم ظواهر الأمور بزيفها عوض أن يخترقوها للوصول إلى واقع الفن الحقيقي، وهو هنا عند أفلاطون عالم (أشكال وماهيات) رياضية.
يخلص بابا دوبولو أننا نستطيع التأكيد في آن واحد أن الفنان المسلم قد اخترع جمالية الفن الحديث قبل ستة أو سبعة قرون وانه بفضل تحريم تمثيل الأحياء وبفضل فقهاء الحديث قد عرف أن جوهر كل فن وقانونه الأسمى هو أن يكون عالما مستقلا، وان لا يخضع إلا لمنطقه الخاص: ذلك ما يعلنه عاليا مجموع الرسم الإسلامي.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244