يصادف الاحتفاء باليوم العالمي للأشعة، ذكرى اكتشاف الأشعة السينية وذلك في الثامن من نوفمبر من كل عام، وقد تم اكتشافها على يد العالم الألماني ويلهيام كونارد رونتجن عام 1895م، الذي قام بتجاربه الشهيرة التي أدت إلى اكتشاف الأشعة السينية.
وقد كانت أول تجربة للأشعة السينية (X-ray) عندما قام رونتجن بإنتاج صور تشريحية أولية ليد زوجته، ووثَّق أول تطبيق لفحص طبي في كلية دارتموت في فبراير عام 1896م على رسغ صبي مكسور.
تعد الأشعة السينية نوعاً من أنواع الإشعاع المؤين ذات موجات كهرومغناطييسية وتحمل طاقة عالية تمكنها من المرور خلال الأجسام، وخاصة جسم الإنسان، وهي أشعة غير مرئية ولا نشعر بها عندما تمر من خلال الجسم.
تعتبر الأشعة السينية أحد أهم الاكتشافات العلمية في مجال الطب والتشخيص الطبي، فقد أحدثت ثورة في مجال الطب التشخيصي، حيث أصبح بإمكان الأطباء رؤية الهياكل الداخلية للجسم بطريقة غير مسبوقة.
وتعتمد فكرة عمل الأشعة السينية بقدرتها على اختراق الأنسجة والأعضاء مما يؤدي إلى امتصاصها بشكل مختلف بناءً على كثافة العضو. وباستخدام الأفلام الحساسة للأشعة والأجهزة المناسبة يمكن تحويلها إلى صور مرئية. مما مكّن من الكشف عن العديد من الأمراض والإصابات، مثل كسور العظام وأمراض الرئة والأورام السرطانية.
وقد تطورت تقنيات الأشعة وأصبحت أكثر دقة وتفصيلاً، من خلال الأشعة المقطعية (CT scan) والأشعة التداخلية (Interventional radiology)، وأشعة الثدي بالإضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) والموجات فوق الصوتية، مما ساهم في تحسين التشخيص وتوجيه العلاج المناسب.
ما زالت تعتبر أفضل اكتشاف طبي خدم الإنسانية منذ القرن الماضي وكما يطلق على علم الأشعة «عين الطب»، ويكمن الهدف من الاستخدام الأمثل للأشعة بزيادة الفوائد وتقليل المخاطر.
وقد مرت الأشعة السينية بمراحل من التطور فعندما تم اكتشاف الأشعة كانت تستغرق قرابة نصف ساعة للحصول على صورة واضحة، ومع التقدم التقني واستحداث طرق لجعل الكهرباء قوية وفعَّالة تم تطوير أنبوب الأشعة فقد عمل العالمان إتش سي سنوك ويليلم كوليدج على ذلك، لتصبح الأشعة نموذجاً نمطياً ساهم في تخفيض الوقت وكمية التعرض للإشعاع.
ومع استخدامها على نحو واسع بدأت تظهر على الأطباء والمرضى حروق من الإشعاع على مناطق مختلفة من أجسادهم، وتساقط الشعر والأنيميا، وبذلك تم اتخاذ تدابير للمراقبة والحد من التعرض للإشعاع، فبدأ الأطباء وتقني الأشعة والمرضى بارتداء زي واق وتوفر حواجز واقية. ومن خلال تقدم البحوث والتقنية أصبح التصوير الإشعاعي آمناً للغاية لممارس المهنة والمريض.
وكان لجهود هيئة الرقابة والنووية والإشعاعية الأثر البارز في تحقيق التعامل الآمن مع الإشعاع فهي الجهة المسؤولة في المملكة عن ترخيص المنشآت التي تتعامل مع الإشعاع، فوضعت تشريعات وتنظيمات بما يتوافق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مما أدى إلى التوجيه الأمثل للممارسة الإشعاعية، وقد حرصت الهيئة على توفير ممارسين مؤهلين مرخصين، كما أنها أقرت مقداراً محدداً للجرعات الإشعاعية في التعاملات الطبية والمهنية.
وكان للهيئة العامة للغذاء والدواء دور مؤثّر في متابعة تطابق أجهزة الأشعة مع المعايير وتوكيد الجودة التي أدت إلى حفظ مستوى الجرعات الإشعاعية للمرضى من التعرض العالي، وأيضًا ساهمت في إقامة العديد من ورش العمل التوعوية من أجل الاستخدام الآمن للأشعة.
ولأن حديثنا في هذا المقال عن الأشعة السينية في مجال الطبي، فلا بد من التأكيد على أخصائي / فني الأشعة - وأطباء الأشعة ذوي الخبرة، بأن يأخذوا على عاتقهم مهام مشاركة الجهات ذات العلاقة في التوعية للمجتمع بمختلف الوسائل وفي مختلف الميادين بنشر الثقافة حول التعامل مع فحوصات الأشعة الطبية والتحذير من الممارسات الخاطئة التي قد تضر بهم، حتى يساهموا في جودة الحياة بما يحقق أحد أهداف رؤية مملكتنا الحبيبة 2030 «مجتمع حيوي».
أخيراً إن اكتشاف الأشعة السينية نعمة ربانية وخطوة مهمة في تاريخ الطب، قد أحدثت ثورة في مجال التشخيص الطبي. وبفضل التطور التكنولوجي، نحن اليوم في وطننا الغالي مع الدعم اللا محدود من قيادتنا الرشيدة نستفيد من تقنيات الأشعة الأكثر تقدمًا؛ لتساهم في تحسين رعاية المرضى وتشخيص الأمراض بدقة أكبر.