الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
تعد الغيبة من الأمراض الاجتماعية الخطيرة التي يقع فيها الكثير من الناس، ولخطورتها وللتنفير منها ورد بشأنها آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحذر منها ومن عواقبها.
وأمام تساهل الناس وتهاونهم بشأن الغيبة في مجالسهم ذكوراً وإناثاً، ووصولها لمواقع التواصل الاجتماعي يحتم تنبيه الغافلين.
«الجزيرة» التقت اثنين من المختصين في العلوم الشرعية والاجتماعية والتربوية لمعرفة واجب الأسر والمؤسسات المجتمعية في تبيان مخاطر الغيبة الشرعية والاجتماعية؛ فماذا قالوا؟
داء فتاك
يؤكد الشيخ عايض بن محمد العصيمي التربوي الداعية، ومفسر الأحلام المعروف: أن الغيبة داء اجتماعي فتَّاك، يفتك ويفكك المجتمع، له تأثير سيئ على النفوس! وتعد الغيبة كما هو معلوم ومقرر من الكبائر المنهي عنها، وهي ماحية للحسنات، جالبة للعداوات، لن أتحدث لكم عن الغيبة من ناحيتها الشرعية شرعياً، إذ أشبعت بحثاً، لكنني أتحدث معكم عنه الغيبة وأثرها اجتماعياً، وماذا تصنع في مجتمعاتنا؟! في نقاط عدة تتمحور حول المغتاب وهو صاحب الغيبة! ثم كيف يكون العلاج؟!
أولاً: المغتاب يمتاز بفراغ روحي ووقتي إذ لو زاحمت العبادة وقته لنشغل فيها وانشغال بالمفيد عن غير المفيد.
ثانياً: المغتاب مجانب للعقل والصواب فانشغل بعيوب الناس عن عيوبه والعاقل الحصيف هو من كان مصلحاً لعيوبه عن عيوب الخلق.
ثالثاً: المغتاب معول هدم ودمار للمجتمع، بغيبته يتفكك المجتمع، وبغيبته تنتشر الشحناء والبغضاء، وهو مؤلب للقلوب والنفوس على بعضها، زارع للقيل والقال والغل والحقد والشحناء، فهو ممرض مفسد للمجتمع!
رابعاً: المغتاب حسود! جره حسده للغيبة، دافعه في ذلك تبيين الحقائق والتنبيه والنصح للآخرين وهو في الحقيقة يتشفي من غيبته لمن اغتابه.
خامساً: المغتاب جبان ناقص الشخصية والإنسانية، إذ ليس من الإنسانية أن تتحدث في الآخرين في غيابهم ثم إذا حضروا وشاهدتهم تبسمت في وجوههم بابتسامتك العريضة!
واجب الأسرة والمجتمع
ويشير عايض العصيمي إلى أن واجب الأسرة والمجتمع في الغيبة يتمثّل في الآتي: أولاً: أن نحسن التربية للنشء من نعومة أظفارهم من البيت مروراً بالمسجد والمدرسة وأن يحترم الآخرين وأن يعرف الجميع حقوق غيرهم، وأن ما يحبه لنفسه يجب أن يحبه للآخرين، فلا يرضى أحدنا أن يغتابه أحد في غيابه! فإن بعض الآباء يستمع لولده ويشجعه على هذا الخلق الذميم الغيبة، بل يستمتع بحديثه في ذلك،كان الواجب إسكاته وتوجيهه أن هذا خلق ذميم،كما كان يفعل الآباء والأجداد سابقاً في مجالسهم فلا تجد من يتحدث ويتفكه بغيبته في مجالسهم الطاهرة العامرة.
ثانياً: هذه القيم الإيجابية واحترام حقوق الآخرين في غيابهم ينبغي وتحتاج إلى تعزيز للجيل في المدارس للمعلمين، وعلى المنابر للخطباء، وفي الإعلام وأن يطرح هذا الموضوع بصورة واقعية فعَّالة، والبعد عن التنظير والحشو الذي لا فائدة منه سواء الحفظ!
واختتم العصيمي حديثه بقوله: ليعلم الجميع أننا في هذه الحياة في رحلة نجمع فيها تلك الحسنات فلنحافظ عليها من ألسنتنا حتى لا تذهب أدراج الرياح! ولنبق أثراً طيباً في نفوس الآخرين ولنرتق بمجالسنا عن كل خلق ذميم لنحيا بسعادة ومحبة.
آفة الغيبة والنميمة
وتوضح الدكتورة عواطف بنت عبدالعزيز الظفر الأستاذ بجامعة الملك فيصل بالأحساء أن من الآفات المتفشية في مجتمعاتنا هي آفة الغيبة والنميمة؛ فالغيبة هي أن تتحدث عن الآخر في حال غيابه، والنميمة هي نقل كلام عن أشخاص إلى أشخاص آخرين بنية غير سليمة.
وكلاهما محرمتان، ومجتمع النساء خاصة يكثر فيها اللغط والنميمة والغيبة والتي يعتبرون من الأمراض الاجتماعية الخطيرة التي تحتاج إلى علاج نفسي وأن يدركوا مخاطر هذه الآفات ويحذروا منها، وقد دلت الكثير من الآيات والأحاديث وحذرت من عواقبها على الأفراد والمجتمع وتقع مسؤولية الأفراد قبل كل شيء من أسرهم التي لا بد من الصغر أن يعوّدوا الأطفال على أن لا يتحدثوا أمام الغير عن الغير مهما كانت أحاديثهم، وبذلك تبدأ بعادة ثم تتحول تدريجياً إلى سلوك يصاحبه حتى يكبر،كما أن من واجب المجتمع أيضاً التنبيه إلى مخاطر هذه الآفات الاجتماعية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من أحاديث المجالس سواء بين أفراد أو جماعات قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نمام) متفق عليه.