إن حفظ الأمثال وتعلمها تعتبر قوة وحجة لدى المتحدث الذي يريد أن يؤيد حديثه بالحجج والبراهين، ويقطع دابر الخلاف بشيء معروف يتوقف عنده الخصم ويستسلم.
إن ضرب الأمثال توضح المعاني والأهداف وتكشف ما يعيد إلى الأذهان القيمة العلمية والعملية. فالأمثال عناوين لقصص جرت، وكان لها أحداث وقعت في ذلك الزمن، فقد ورد في كتاب الله الكريم آيات عظيمة، فيها تذكرة للناس وبيان لطريق الهدى لهم ونلمح بينهما آيات فيها تشبيه للمعقول بالمحسوس وذلك لتقريب الصورة إلى أذهان البشر بما يلمسونه محسوساً وواقعاً في حياتهم العملية مما يجعل الفكرة تستقر في القلب، وتغدو لوحة معلقة على باب الفؤاد.. فيها الحكمة والعبرة والعظة.
كما يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم:- {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} سورة البقرة (17).
وقال تعالى:- {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} سورة هود (24).
وقوله جل شأنه: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} سورة الحج (31).
وحتى يعرف المرء مدى فائدة ضرب المثل وتشبيه المعقول بالمحسوس، كما يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه العظيم:- {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ} سورة المدثر (49 - 50).
فمشهد حمر الوحش وهي مستنفرة تفر في كل اتجاه، حين تسمع زئير الأسد وتخشاه... فهذا المشهد يعرفه العرب وهو مشهد عنيف الحركة حينما يشبه به البشر حينما يخافون، فيذكرهم بربهم وبمصيرهم ذلك المصير العصيب الأليم.
وتحتوي كتب الأمثال العديد والعديد إلى جانب بعض الأمثال قصصاً غريبة وعجيبة، سواء كانت فردية أو جماعية، كما أن فيها من الوقائع التاريخية والأحوال الاجتماعية ما لا يستهان بتدوين بعضها، والتنويه بشأنها، وإعادة استذكارها، وكتابة قصصها بلغة سهلة تقرب إلى أفهام النشء والشباب، حتى لا ينسوا شطراً من تراثهم العريق... وهو مهم من تاريخهم الأدبي.
ومن القصص الجميلة، والعجيبة التي تتمثل في الكتب التالية:-
1 - أحلم من الأصنف.
2 - استراح من لا عقل له.
3 - ترى الفتيان كالنحل وما يدريك ما الدخل.
4 - خطب يسير في خطب كبير.
5 - كيف أعاودك وهذا أثر فأسك.
6 - الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق.
وغيرها الكثير والكثير.
فإن المجال لا يسمح لنا بالإطالة لسردنا للقارئ قصة من تلك القصص آنفة الذكر. ولكنني أنبه إلى أهمية الأمثال بشتى أنواعها وأهدافها وغاياتها، وأذكر أخواني القراء أن أدباءنا ومؤرخينا المسلمين اعتنوا بهذه الأمثال.. ووجدوا فيها الفائدة التي تجنى من وراء كل مثل.
والله الموفق والمعين...