يُعد اليوم الوطني ذكرى عزيزة وغالية في نفس كل مواطن ومقيم في ربوع بلادنا الشامخة؛ لأن هذا اليوم يذكر بيوم الحصاد للبذرة الطيبة التي وضعها جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله وجزاه عن المسلمين خير الجزاء، وفي اليوم الوطني نتذكر كيف كنا وكيف أصبحنا بنعمة من الله وفضل.
لقد كانت هذه البلاد تعاني أشد العذاب، وتذوق الويلات جراء التفرق والتشرذم والفاقة، حتى أنعم الله عليها بهذا الفاتح العظيم جلالة الملك عبدالعزيز طيّب الله ثراه؛ فثبّت أركانها، وأرسى بنيانها، وأعلى صرحها، وحمى حدودها، وأصلح ما فيها، وحدد لأهلها المنهج الصحيح، فنعمت بفضل الله بالأمن والأمان، وعاشت ولا تزال في كنف الخير والأمان: أمة واحدة، وبلدة طيبة، وتاريخاً مجيداً عظيماً، وحاضراً آمناً مطمئناً زاهراً، ومستقبلاً مشرقاً واعداً.
ولا ينس أهل هذه البلاد ما كانوا فيه من الفاقة وضعف الأحوال المعيشية، فلا يكاد يجد الواحد منهم قوت يومه، فأنعم الله عليهم بالخير الوفير، والسعة ورغد العيش، بل ورعت الدولة أيّدها الله جميع مواطنيها؛ فأعطت للعاجزين وذوي الحالات الخاصة ما يكفيهم، ويسّرت للقادرين الوظائف وسبل العيش الكريم، ودعمت رجال الأعمال في تجارتهم وأعمالهم.
ويذكر أهل هذه البلاد ما مر به أسلافهم من تردي الأوضاع الصحية الأوبئة والأمراض الفتاكة التي تفني البيوت الكبيرة عن آخرها، فأسبغ الله عليهم ثوب الصحة والعافية، وسعت الدولة في تطوير الخدمات الصحية، وابتعاث طلبة الطب وتشييد المستشفيات والمراكز الصحية، وتأمين العلاج المجاني وتوفير الأدوية في سائر المناطق والمدن والمحافظات والقرى.
وفي ذاكرة الكثير من أهل هذه البلاد ما كان من تفشي الأمية وقلة العلم والعلماء وندرة المدارس، حتى قيّض الله هذه الدولة المباركة فجعلت التعليم أس اهتمامها، وبذلت جهوداً عظيمة في نشر التعليم وفتح المدارس والمعاهد والجامعات في سائر أرجاء الوطن، بل ووضعت المكافآت والجوائز مما عجل بتحقيق آمال دولتنا، ورأى الناس أثر ذلك في نفوسهم وسلوكهم ومعاشهم.
وهكذا أصبح الناس في هذه البلاد الطيبة ينعمون بالخير والسعة والعلم والصحة وسائر مباهج الحياة الكريمة، فنشكر الله الذي أتم لنا النعمة ونسأله أن يزيدنا من فضله.
وفي يومنا الوطني الثالث والتسعين، نستذكر باعتزاز وفخر بالغين، نهج قيادتنا الرشيدة المتمثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهما الله وأيدهما بنصره -، وما تقوم به هذه القيادة الحكيمة من السياسات الراشدة، والرؤى المستقبلية، والخطط الاستراتيجية، والاستثمارات الحضارية، والأدوار العالمية الرائدة في تعزيز السلم الدولي، وإنعاش الاقتصاد العالمي، وتحقيق الرفاه للشعوب.
ففي هذا العهد الزاهر نحمد الله على نعمة الأمن والأمان، والعالم من حولنا يطيش بالاضطرابات والتحولات السلبية.
وفي هذا العهد الزاهر نحمد الله على وحدة الصف، ولزوم البيعة الشرعية، والسمع والطاعة لولاة الأمر، وازدهار قيم الولاء والانتماء والمواطنة، والعالم من حولنا يعيش أزمات التفكك والاحتراب.
وفي هذا العهد الزاهر نحمد الله على نعمة الرخاء ورغد العيش، وارتفاع المؤشرات الاقتصادية، والمضي قدماً في إنجاز المشروعات العملاقة، وتنوع الإيرادات المالية، والعالم من حولنا يعاني من الكساد والتعثرات.
وفي هذا العهد الزاهر نحمد الله على انتعاش أسواق العمل وانخفاض مؤشر البطالة إلى أدنى المستويات، والعالم من حولنا يعاني من البطالة وشح الوظائف.
لقد شهد العالم بأسره ما قامت به قيادة هذا البلد المبارك من إنجازات جليلة وإصلاحات عظيمة، لا يسع المقام هنا لاستعراضها كافة، ولكني أشير إلى بعضٍ منها، فمن ذلك: القضاء على الفساد ومحاربة أهله، واجتثاثه من جذروه، وارتفاع مؤشرات النزاهة والشفافية إلى أعلى معدلاتها.
والنهوض بالعملية التعليمية وتطوير مخرجاتها، ويشهد لذلك ارتفاع تصنيف الجامعات عالمياً، وكثرة الحاصلين على الجوائز العالمية من أبنائنا الطلبة وبناتنا الطالبات، ونمو عدد براءات الاختراع، وزيادة إنجازات مراكز الابتكار، وكثرة بيوت الخبرة والأبحاث.
وأما على الصعيد الاقتصادي الدولي، فلا تخطئ العين ما تبوأت بلادنا الغالية من منزلة رفيعة، بين أعلى اقتصادات العالم، وأسرعها نمواً وازدهاراً، فهي اليوم عضو مجموعة العشرين (G20)، والمؤثر الأكبر في أسواق الطاقة والاقتصاد، وسيّدة القرار فيهما.
وعلى الصعيد السياسي، تلعب اليوم المملكة العربية السعودية أدواراً بارزة على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي، في جهودٍ حثيثة متواصلة لتعزيز الأمن العالمي، والوساطات الدبلوماسية، ومكافحة الجريمة والفقر، وتنمية الدول الفقيرة، حتى غدت عاصمتنا الحبيبة (الرياض) قبلة الدول التي تنشد الازدهار والاستقرار.
إن ما نراه اليوم وننعم به نحن والأجيال القادمة - إن شاء الله -، من الخير الوفير والأمن والأمان والنماء يوجب علينا سؤال المولى الله عز وجل أن يُديم على بلادنا أمنها واستقرارها وازدهارها، في ظل إمامنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير الهمام محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأن يحفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه، إنه جواد كريم، سميع قريب مجيب.
** **
- عبدالله بن إبراهيم الخلف