لقد تغنّى الشعراء والأدباء، الرجال والنساء على مر العصور، وتعاقب الأجيال بحب أوطانهم.. وهو أمر جبلي، مغروس في قلوب أهل الولاء والوفاء، وفي حديث أنس - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قدم من سفر، فأبصر دَرَجَات المدينة - أي طرقها المرتفعة - وفي لفظ: جُدُات - جمع جِدَار- أوضع ناقته، وإن كانت دابة حركها) رواه الإمام البخاري. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (وفي الحديث دلالة على فضل المدينة، وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه) ا.هـ . فحب الوطن والولاء له أمر يحمد عليه المرء، وهو دلالة على إيمانه ونبله وكمال صفاته.. فكيف إذا كان الوطن منارة الإسلام؟ وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم؟ وفيه تنزل الوحى، ومنه شعَّ نور الإسلام؟ فالتبعة عظيمة، والمسؤولية مضاعفة.. واعلم -يا رعاك الله - أن حب الوطن ليس مجرد قول بغير برهان! أو نشوة عابرة تحضرك تارة ومِنْ ثَمّ تغيب! ليس الأمر كذلك؛ فالحب الصادق يقارنه ولاء ووفاء في السّراء والضّراء، في المَنشط والمَكرَه، ولاء ووفاء لوطنك، وولاة أمره، الذين بذلوا مهجهم، وجاهدوا واجتهدوا، وأرخصوا النفيس في سبيل وحدته، وتأمين سبله وأرجائه، وأولهم الموحّد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ثم خلفاؤه من أبنائه الملوك الكرام: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله - رحمهم الله - إلى عهد ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وها هي الذّكرى (93) لتوحيد طننا تحل.. ونستحضر معها: التضحيات العظيمة، والجهود الجبارة التي بذلها الموحّد، الذي يعد في هذا العصر من أفذاذ القادة؛ حكمة، وبعد نظر، وسبر لعواقب الأمور، فاستطع - بتوفيق الله وعونه - توحيد وطن أبائه وأجداده ولَمْ شَعَث أرجائه، وتأمين سبله وأطرافه، وجمع قلوب مواطنيه على قلب رجل واحد.. حتى غدا واحة أمن ووطن سلام لموطنيه ومن يفد عليه، فالجميع ينعم بالأمن والسكينة، التي لم يعهد لها مثيل في هذا العصر، وها هي المملكة العربية السعودية ترتقي ذُرَى المجد والعليا، والتطور في مختلف نواحي الحياة بثبات.. - فرحم الله تعالى - الموحّد - وحفظ الله - خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ودام حب الوطن في قلوب أبنائه ولاء ووفاء.
** **
- د. فهد بن عبدالله المزعل