د. محمد عبدالله الخازم
بدأت الكتابة الصحفية بشكل منتظم منذ عام 1996م - ربع قرن - لم أكن أتوقّع تواصل هذه الهواية كل هذه السنوات. اجتهدت كثيرًا في كتابة ما أراه مناسبًا ويعبِّر عن وجهة نظري من آراء ومقترحات وملاحظات. وكطبيعة الكتابة عندما تخلص لها، كانت رحلة فيها كثير من لحظات التحدي والمغامرة، كثير من الصداقات والمعارف والشهرة وحتمًا بعض العداوات الصغيرة. بدأت ككاتب في المجال الرياضي، وبعد مجموعة مقالات قرر المحرر تغيير مسمى الزاوية الأسبوعية التي أكتبها، وأختار لها اسم «رأي مختلف». كان الأمر محفزًا حينما شرح مبرراته بأنني أكتب رأيًا مختلفًا عن الغالبية، حيث لم أهتم بصوت الجماهير والشائع في الكتابة الرياضية عن الأندية وكرة القدم وإنما اتجهت إلى مواضيع مختلفة مثل الكتابة عن رياضة أصحاب الإعاقات، الإصابات الرياضية، التنظيمات والسياسات الرياضية، رياضة المرأة، النظام الأولمبي وغيرها من المواضيع.
بعد عامين تقريبًا، انتقلت إلى الكتابة الحرة عبر صفحات حروف وأفكار، فكتبت المقالة الطويلة التي تتجاوز نصف صفحة أحيانًا. كانت مرحلة مهمة أو ذهبية تعرف من خلالها المتابعون على كاتب رأي له فكرته التي تخصه. كتابة مقالة بحجم 1500 كلمة أسبوعيًا ليس بالأمر السهل لكنه كان ممتعًا في طرح أفكار بشكل واضح. أستمررت على ذلك قرابة خمس سنوات، لم أتوقف حتى مع ازدحام جدولي بإنجاز مرحلة الدكتوراه، بما في ذلك وقت الاختبارات ومناقشة الرسالة. بعدها (2003م) انتقلت إلى كتابة الزاوية الصحفية «نقطة ضوء» مرتين إلى ثلاث أسبوعيًا، قبل أن تتناقص إلى مقال واحد في الأسبوع. لم يخفت «الضوء» واستمرت «النقطة» عبر سنوات مفتاحاً لإشعال قناديل من الأفكار..
كتابة الرأي وما صاحبها من مشاركات إعلامية وثقافية أخرى تمنحك الوهج وتبرزك نجمًا مقدراً في المجتمع، لكن لا أحد يدرك الجهد والمتاعب التي يتحمّلها النجم ليصل إلى مكانته. هذا أمر طبيعي، الكتابة فعل ينطوي على مغامرات في اختيار ما تكتبه وفي وسيلة التعبير، ولا يوجد من يصيب بشكل دائم. الأمر الذي لا مفر منه هو وجود معاناة وأحياناً عداوات لم تكن تنشدها أو ترغبها. ليس أدناها معاناة عندما تسهر ليال تنحت مقالًا فيأتي رد مسؤول التحرير نعتذر عن النشر وليس أصعبها حينما تهدّد في وظيفتك أو رزقك بسبب رأي أو نقد كتبته. ربع قرن من الحكايات المثيرة؛ إيقاف تكرر عن الكتابة، طلب بتقديم الاستقالة، تعطيل لسفر وغير ذلك من مضايقات تتلحف لبوس البيروقراطية. أزعم أن قلمي بقي نزيهاً ساطعاً قدر ما هو متاح، قارعت الأمواج وكسبت احترام المحبين والكارهين، على السواء.
يسألني البعض كيف استطعت المواصلة فأجيب، الكتابة عادة وهذا السر لمن أراد الاستمرارية فيها. أصعب ما في العادات هو الخشية من آثار توقفها، وكما كنت مقداماً في ولوج عالم الكتابة فهذه لحظة شجاعة أخرى أقاوم فيها خوف التوقف، خوف النسيان، خوف فقدان المتعة. بعيداً عن الحيثيات والدواعي أختم بالشكر والتقدير؛ لكل من منحني الثقة و دعمني وحفّزني للبدء والاستمرار، لمن قرأ بعض حروفي موافقاً أو مخالفاً. أرجو أن يبقى ما كتبته ذا أثر طيب.