الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
على الرغم من نجاح المؤسسات الاقتصادية الإسلامية في تحقيق أهدافها وإقبال الجماهير عليها، لا يزال بعض الاقتصاديين لا يؤمنون بوجود نظرية اقتصادية إسلامية واضحة المعالم وخاصة في مجال الاستثمار، وأن كل ما يتضمنه الإسلام مجموعة توجيهات عامة.
«الجزيرة» التقت اثنين من المتخصصين في علم الاقتصاد لمعرفة عما إذا كان هناك تصور واضح للاستثمار في الشريعة الإسلامية، وكانت رؤاهما كالتالي:
أدوات الاستثمار
يقول الدكتور إبراهيم بن محمد الحسون عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة القصيم: إن الشريعة الإسلامية أتت منظمة لكافة حياة المسلم، من ذلك الاستثمار فقد أكدت الشريعة على تحريم أدوات ووسائل مثل: الربا والقمار والميسر والضرر والجهالة وغير ذلك مما نص الشارع الحكيم على تحريمها، ومن هو ما هو مباح ونص الشارع على إباحتها مثل أصل البيع والمضاربة والمشاركة والمرابحة وغير ذلك مما نص الشارع على جوازها، وهناك أمور سكت الشارع عنها وتركها للعقل البشري أن يهندس العمليات الاستثمارية كيفما شاء فالمساحة واسعة وكبيرة لكل ما يستجد من أفكار وآراء وفقاً لمتطلبات العصر.. مشيراً إلى أن التكنولوجيا المالية في الاقتصاد التقليدي قد أضافت بعداً آخر للاستثمار، لذلك لابد من الاستفادة من تطور أدوات الاستثمار في الاقتصاد التقليدي التي جاوزت خبرتها عن ثلاثة قرون وتوجيهها هذه التكنولوجيا بما يخدم الاستثمار في الإسلام، وهذا في الحقيقة هو دور الباحثين في الاقتصاد الإسلامي والجامعات ومراكز البحوث والمصارف الإسلامية والمؤسسات المالية التي تهتم بهذا الشأن، وبشكل عام لا يزال الطريق أمامنا طويلاً، وقد تم بالفعل قطع شوط كبير في هذا الشأن، إلا أننا ننتظر المزيد من العقول الإسلامية المهتمة بالنشاط والاستثمار في الإسلام أن تبدع في خلق أدوات ووسائل ومنتجات جديدة تغني المجتمع المسلم وغيره عن أدوات الاستثمار التقليدية التي أنهكت المجتمعات المتعاملة بها.
أسس ومبادئ
ويشير الدكتور عمر بن صالح المحيسن عضو هيئة التدريس بقسم الاقتصاد الإسلامي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، إلى أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- بعث بالدين الكامل، وتركنا على المحجة البيضاء، وجاء الإسلام بترسية الأسس والمبادئ الاقتصادية الموافقة للشرع؛ وفق منظومة كاملة وتصور واضح للاستثمار في الشريعة الإسلامية؛ حيث يشتمل على العقيدة الصافية والقيم والأخلاق؛ فيؤمن المسلم بأن الرزاق هو الله وأنه لن يموت إلا وقد استوفى كامل رزقه، ويتحرى (المسلم) الصدق والأمانة في بيوعه، ويبتعد عن القمار والغرر الفاحش في تجارته، ويسعى لتنمية المال وفق ضوابط الشريعة وتحقيق مقاصدها بدوران المال حقيقة (وليس صورة) كي لا يكون دولة بين الأغنياء، ولا يقرب في استثماراته ما هو محرم بعينه، أو ما يضر بالمسلمين بشكل عام فيمارس الاحتكار طلباً لارتفاع الثمن، ويفر من الربا بشتى أنواعه وصوره، ويتحرى الحلال في مأكله ومشربه؛ ليبارك الله له فيه، وبعد هذا كله (وقبله ومعه): يعتقد المسلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه أو ما أخطأه لم يكن ليصبه؛ فيقر عيناً ويطمئن نفساً بأقدار الله وأرزاقه.