في نظريات علماء الاجتماع بأن التغير يبدأ من داخل الإنسان ليصل لمحيطه الخارجي، لكننا اليوم في عصر الأوبئة والأمراض نرى بأن التغير جاء كمتطلب حياتي وإعادة لتنظيم المجتمع وكان من الخارج وأجبر الداخل على الالتزام به، وذلك ما فرضته الظروف العالمية واستوجبت أن يكون التغير على المستويات كافة.
لن أتحدث عن التغيرات كافة التي حدثت خلال الثلاثة شهور الماضية، إذ إن تركيزي يأتي على التعليم، والتحول من (النظامي إلى عن بعد) وشمل ما يزيد عن ستة ملايين طالب وطالبة في المملكة، إذ إن إحصائية وزارة التعليم السعودية تقول إن عدد الطلاب 6.187.776 ما بين حكومي وأهلي، بنين وبنات.
القرارات كانت سريعة جداً، فالوضع الصحي العالمي كان يحتاج إلى حزم وقرارات سريعة كما حدث في المملكة، فكانت القرارات يومية لتتم محاصرة هذا الوباء العالمي، ومن بينها التعليم الذي نلاحظ بأن هناك العديد من المؤسسات التعليمية لم تكن جاهزة للدخول في نظام التعليم عن بعد، مما جعل الوزارة تتخذ قرارات سريعة تجاه النتائج واعتماد نتائج الفصول السابقة والذهاب إلى المرحلة الدراسية التالية.
نعود هنا لجاهزية التغير، وكان واضحاً بأن التعليم العام لم يكن جاهزاً في عدد من الدول، وكان القرار بالنسبة لهم مفاجئاً لإدارات التعليم، والأسرة التي لديها أبناء في مراحل دراسية، لذا أصبح التعليم الذاتي هو الخيار لبقية العام الدراسي، ولما فات من الدروس.
يأتي خيار التعليم الذاتي في المملكة مع إطلاق عدد من المنصات التعليمية، التي وفرت شروحاً كافية لجميع المناهج التعليمية، وأصبح لزاماً على الأسرة السعودية أن تسعى لتوفير بيئة تعليمية حقيقية، ولا يكون دورها فقط التجهيز المادي الاستهلاكي للطالب وإرساله للمدرسة، بل وضع منهجية نفسية وبيئية لأن يستطيع هؤلاء الطلاب التوجه للتعليم من خلال الأجهزة وليس الهاتف.
ما هو أهم من ذلك هو مساهمة الإدارات المعنية وجهات الاختصاص بتوفير أجهزة كمبيوتر للأسر التي لا تستطيع توفير الأجهزة، وعدم التقصير تجاه الأسر الفقيرة في توفيرها، حيث إن عدد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في المملكة تجاوز المليون مواطن يمثلون عدداً كبيراً من الأسر التي لا تستطيع شراء مثل تلك الأجهزة، فكيف يستطيعون توفير بيئة تعليمية تواكب المتطلبات العالمية في الدراسة عن بعد بينما لا يتم توفير أي أجهزة لهذه الأسر.
لذا نرى بأن الدور يجب أن تتقاسمه وزارة التعليم بالتعاون مع الضمان الاجتماعي لتوفير تلك الأجهزة التي تساعد على خلق مناخات تعليمية مناسبة لتلك الأسر وعدم الإثقال على المواطنين بطلبات تتجاوز حدود قدراتهم المادية.