د. محمد بن عبدالله آل عمرو
في كلمة وجهها للمواطنين والمقيمين منذ ثلاثة أسابيع أعلن معالي وزير الصحة صراحة أن «الوضع جد خطير» مذكرا بما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين للمواطنين من أن الوضع في المرحلة القادمة سيكون أكثر صعوبة على المستوى العالمي، وقال إن الدولة أعزها الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد لم تقصر إطلاقا في توفير المبالغ المرفوعة لها، فقد خصصت حتى الآن ما مجموعه (47) مليار ريال لتوفير متطلبات مواجهة (كوفيد-19) من أدوية وتشغيل الأسرة الإضافية وشراء الاحتياجات الطبية والمستلزمات الصحية مثل أجهزة التنفس الاصطناعي وأجهزة وعينات الفحوص الاستكشافية وتأمين الكوادر الطبية والفنية اللازمة من الداخل والخارج، محذرا من استهتار بعضهم بعدم التزامه بالتعليمات الاحترازية الصادرة من الجهات المختصة ومؤكدا على أن طول مدة حظر التجول حتى التمكن من احتواء (كوفيد-19) والسيطرة عليه تعتمد على مدى التزام الجميع بالتعليمات الاحترازية، ومنع التجول، ولزوم المنازل، في حين أن محاصرة الحالات والسيطرة عليها في حدود الأعداد الحالية في مدة من أربعة أشهر إلى سنة يضمن لنا الجاهزية وفق المعايير الدولية لمواجهة هذه الجائحة بأفضل طريقة.
وقد أوضح معاليه في شفافية عالية نتيجة أربع دراسات علمية مختلفة قام بها خبراء سعوديون ودوليون مختصون في علوم الأوبئة جاء فيها توقع أن فايروس كرونا (كوفيد-19) سوف يصيب في الأسابيع القليلة القادمة ما بين (10,000) إلى (200,000) حالة إصابة، وعند كتابة هذا المقال قد تجاز عدد حالات الإصابة (28000) حالة، ومؤكدا أن بقاء الإصابات في حدها الأدنى يعتمد على مدى الالتزام بالتعليمات الاحترازية.
و مازالت نسبة غير الملتزمين بحظر التجول والبقاء في المنازل تقارب 50% كما صرح بذلك مساعد وزير الصحة المتحدث الرسمي في لقائه مع عبدالله المديفر في برنامج في الصورة وهي نسبة مقلقة ولا يمكن معها توقع نهاية قريبة لجائحة (كوفيد-19) مالم يكن هناك التزام حقيقي بخفض نسبة التجول والبقاء في المنازل.
و ما أشير إليه من عدم التزام بعضهم بالتعليمات الاحترازية مشاهد وملحوظ على الرغم من الجهود التي تبذلها أجهزة الأمن العام المناط بها تنفيذ منع التجول، على الرغم من ضخامة مبلغ غرامة المخالفة، ولذلك فإن أولئك المخالفين بحاجة إلى زواجر أخرى أكثر إيلاما لهم، فمن لم يسعه بيته في مثل هذه الظروف العصيبة بحاجة لأن يجبر على ما يكف به أذاه وضرره عن المجتمع حتى يرفع الله البلاء.
أخي المواطن وأخي المقيم إن فحوى كلمة معالي وزير الصحة لنا تؤكد ثلاثة أمور أولها إن الدولة لم تقصر وبادرت منذ بداية الجائحة لاتخاذ كافة التدابير اللازمة، وثانيها أن وزارة الصحة تعمل بأقصى طاقتها وفق المعايير الدولية لتجنيبنا خطر الانتشار السريع لهذه الجائحة، وثالثها إننا جميعا المواطنين والمقيمين نتحمل المسؤولية عما قد يحدث من ارتفاع الحالات المصابة لعدم الالتزام بالتعليمات الاحترازية وعدم التجول والبقاء في المنازل. ولكم أن تتخيلوا كم ستبلغ هذه التوقعات مع الالتزام بالتعليمات الاحترازية خلال الأربعة أشهر القادمة ثم خلال السنة، أما في حال عدم الالتزام فالوضع سيكون خطيرا جدا جدا وقد لا يخطر حجمه الكارثي على بال أحد.
و إنني أرجو أن تبادر الجهات المختصة في وزارة الصحة بالتعاون مع المركز الوطني للمعلومات والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إن لم تكن بادرت من قبل إلى سرعة الاستفادة من التطور التقني في بناء تطبيق إلكتروني لتتبع ومعرفة المصابين بفايروس كورونا والمخالطين لهم وتحديد أماكن وجودهم.
قد تكون هذه الفكرة مسبوقة وإن لم تكن كذلك فقد يواجه تنفيذها بعص الصعوبات التقنية والأمنية والأخلاقية، ولكنها صعوبات يمكن التغلب عليها بالنظر لما سيحققه التطبيق من إسهام كبير في السيطرة على هذا الفايروس.
و للمستهترين بالتعليمات الاحترازية وعدم الالتزام بها أقول:- هداكم الله- .. لا تفسدوا جهود الدولة باستهتاركم، وأذكرهم بقول دريد بن الصمة لأخيه وقومه:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد